الحياة والمجتمع

آداب تناول الطعام

آداب الطعام في السنة النبوية

للأكل آداب عديدة، وَرَدَ بعضُها في كتاب الله عزَّ وجلَّ، وورد بعضها في السنة النبوية، وقد أورد ابن القيم رحمه الله تعالى شَذَراتٍ من هَدْيِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في الأكل والشرب، فقال: كان صلى الله عليه وسلم يأكل ما جَرَتْ عادةُ أهل بلده بأكل ، ولم يكن يحبس نَفْسَه على نوع واحد من الأغذية، وإذا كان في أحد الطعامين كيفيَّةٌ تحتاج إلى كَسْرٍ وتعديلٍ كَسَرَها وعدَّلها بضدِّها، كتعديل حرارة الرُّطب بالبطيخ، وإذا عافت نفسُهُ الطعامَ لم يأكله.

كما ذكر أبو هريرة رضي الله عنه: ما عابَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم طعاماً قطّ إِن اشتهاهُ أَكَلَهَ، وإلا تَرَكَهُ ولم يأكلْ منه، وكان يحبُّ اللحم والحلواء والعسل، وكان يأكل الخبز مأدوماً ما وجد إداماً .. وكان أحب الشراب إليه صلى الله عليه وسلم الحلو البارد، ويحتمل أن يريد به الماءَ العَذْبَ، ويحتمل أن يريد به الماءَ الممزوجَ بالعسل أو الذي نُقِعَ فيه التَّمْرُ أو الزَّبيب.

وصحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه: أمَرَ بتخمير الإناءِ ولو أنْ يعرض عليه عودًاً .

وبالإجمال يمكن إيجاز آداب الأكل على النحو الآتي:

* غسل اليدين قبل الطعام لتخليصهما من الغبار والأوساخ المؤذية المسببه للأمراض .
* التسمية قبل الأكل و( من نَسي أنْ يذكرَ اللهَ في أوَّلِ طعامه فليقلْ حينَ يذكرُ : بسم الله في أوله وآخره )
* يجب الأكل باليمين إلا لعذر، ولا بأس باستعمال الملعقة ونحوها، فإن لم يجد جاز الأكل بالأصابع .
* الأكل مما يليه من الطعام، فلا تمتد يده إلى ما يلي الآخرين ولا إلى وسط الطعام، لما روي عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه، قال : ( كنت غلاماً في حجر رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وكانتْ يَدي تَطيشُ في الصُّحْفَةِ، فقال لي رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ياغلامُ سَمِّ اللهَ وَكُلْ بيمينكَ وَكُلْ مما يليكَ، قالَ : فما زالتْ تلكَ طعمتي بعدُ )* وإذا ما وقعت منه اللقمةُ فليمط عنها الأذى وليأكلها، لما روي عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: ( كانَ إذا طَعِمَ طعاماً لَعَقَ أصابعَه الثَّلاثَ وقالَ: إذا سقطت لقمةُ أحدِكم فَلْيُمِطْ عنها الأَذى وليأكلْها ولا يدعْها للشيطانِ) .
* ويندب الجلوس للأكل ويكره الاتكاء لما ورد عنه صلى الله عليه وسلم : ( لا آكل متكئاً)
* وينتظر حتى يبرد الطعام قليلاً لما ورد عنه صلى الله عليه وسلم: ( ولا يـؤكل طعـامٌ حتى يذهــب بخـارُه )
* ويكره الإتيان بحركات منفرة للمشاركين كالجشاء والبصاق والمخاط ونحوه .
* ويستحب عدم الإكثار من الطعام .
* ويستحبُّ للضيف ألا يطيل الجلوس عند المضيف من غير حاجة بعد الفراغ من الأكل بل يستأذن ربَّ المنزل وينصرف، لقولـه تعالى: ((فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا )) [الأحزاب/53]
ويسن بعد الطعام أن يحمد الله ويدعو ، ويغسل يـده ، ويتمضمض .
* ولا يُـذَمُّ الطعـامُ مهما كان نوعه مادام حلالاً وذلك للحديث الذي تقدَّم : ( ما عابَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم طعاماً قط ، إن اشتهاه أكله ، وإلا تركه ولم يأكل منه)

حديث عن آداب الطعام والشراب

أحاديث عن آداب الطعام والشراب قال صلى الله عليه وسلم: (سم الله وكل بيمينك، وكل مما يليك). قال صلى الله عليه وسلم: طعام الواحد يكفي الإثنين ، وطعام الإثنين يكفي الأربعة وطعام الأربعة يكفي الثمانية. قال صلى الله عليه وسلم: “فاجتمعوا على طعامكم واذكروا اسم الله يبارك لكم فيه”.

آداب الطعام والشراب في الإسلام وأثرها في صحة الإنسان

لقد نجح النظام الإسلامي في ميدان التدريب الصحي الذي فرض على بني البشر ليسعدوا به  ، فقد كانت معظم الأمراض التي يصاب بها الناس ـ ومازالت ـ في عصرنا الحديث ترجع إلى الحرمان الشديد ونقص الغذاء، أو إلى الإفراط في تناول الطعام والشراب والإسراف فيهما ، وقد جاء الحل الإسلامي العظيم المعجز وفي ثلاثة كلمات من كتاب الله عز وجل حين قال : (يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)[ سورة الأعراف] وأمر بالصيام شهراً في السنة للحفاظ على سلامة وكيان أجهزة البدن وأعضائه .

وجاءت الدراسات الطبية لتثبت أن مرضى القلب يستطيعون أن يعيشوا طويلاً بعيداً عن المضاعفات الخطيرة إذا هم اعتدلوا في طعامهم وشرابهم ومن ثم فقد أمر الإسلام الأغنياء بإخراج زكاة أموالهم  لإنقاذ ملايين الجائعين من خطر البؤس والفقر والمرض والموت .

وجاءت القاعدة الثانية صرخة مدوية يؤكد علماء اليوم أنها الحل الأمثل لحل مشاكل العصر الصحية والتي جعلها سبحانه وتعالى من أهداف بعثة النبي الأمي صلى الله عليه وسلم وهي قوله تعالى (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ

النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [ سورة الأعراف] فكان الخمر والميتة والدم ولحم الخنزير ، وما ألحق بها اليوم من خبائث العصر من مخدرات وسجائر وسواها وهي من أهم أسباب الأمراض والعجز والموت والمهالك في عصرنا الحديث .

وجاء الهدي النبوي بآداب يتدبر بها المسلم أمر طعامه وشرابه ، وهي علاوة على أنها أضفت على حياته الاجتماعية مسحة جمالية وسلوكية رائعة قد نظم بها الشارع تناول الوجبات وكيماتها وطريقة تناولها فيما يتفق مع ما وصل إليه الطب الحديث الوقائي وعلم الصحة لا بل سبقه إلى ذلك بقرون عدة فلا يأكل المسلم حتى يجوع ، وإذا أكل لا يصل إلى حد التخمة من الشبع ، إذ” بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه ” ، وعلى قاعدة ” ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه ” كما نهى الشارع عن إدخال الطعام على الطعام أو أن يأكل بين الوجبات ….. الخ . ..

واتفاقاً مع الأهمية الصحية لطريقة تناول الطعام والشراب ، وعلاقة ذلك بصحة البدن ، فقد حدد الطبيب الأول ورسول الحق صلى الله عليه وسلم الوضعية المثلى للجلوس على الطعام ، ونهى عن وضعيات قد ينجم عنها بعض الأذى ،كأن يأكل المرء أو يشرب واقفاً أو متكئاً .

وندب إلى أن يتحدث الإنسان على طعامه لإدخال السرور على المشاركين مما يزيد في إفراز العصارات الهاضمة ويساعد على الاستفادة المثلى من الطعام .

ودعا إلى تقديم العَشاء على العِشاء ، وإلى أن يشرب كوب الماء على دفعتين أو ثلاث ، وأن يمصه مصاً لا أن يعبه ويكرعه لما في ذلك من أثر سيء على المعدة والجهاز الهضمي عموماً .

وإذا كان الطب الحديث قد اكتشف الجراثيم الممرضة والطفيليات المهلكة للإنسان في أواخر القرن الماضي وبين أن تلوث الطعام والشراب بها هو من أهم أسباب إصابة الإنسان بعدد من الأمراض الخطيرة كالكوليرا والتيفوئيد والزحار (الزنطارية ) والسل المعوي والديدان والتهاب الكبد وغيرها ، ومن ثم فقد وضع علم الطب الوقائي عدداً من القواعد الصحية على الإنسان أن يلتزم بها ليضمن نظافة الطعام والشراب وسلامتها من التلوث الجرثومي ، فإن ديننا الحنيف قد وضع تلك التعاليم وأمر أتباعه بالالتزام بها منذ أكثر من أربعة عشر قرناً .

والحق يقال أن التعاليم النبوية في تدبير الطعام والشراب كانت قمة في حرص المشرع العظيم على سلامة أتباعه ووقايتهم من شر الوقوع في براثن المرض . فقد أمر عليه الصلاة والسلام أن يعطى إناء الطعام وتوكأ قرب الشراب فلا تترك مكشوفة للذباب والتراب ، كما نهى عن أن يشرب من في الإناء أو ينفخ في الشراب حرصاً على سلامته من التلوث ، وأمر بغسل اليدين قبل الطعام وبعده ، وأمر بالأكل باليمين ، ونهى عن الأكل باليسار التي خصصها للاستنجاء وغير ذلك من الأعمال الملوثة كل ذلك ليضمن سلامة الطعام وعدم تلوثه بالجراثيم كما سنرى .

كما حرص المشرع على عدم تلويث مياه الشرب ، فنهى أن يغمس المستيقظ من النوم يده في الإناء قبل أن يغسلها ، فإن ” أحدكم لا يدري أين باتت يده “، كما منع التبرز أو التبول قرب موارد المياه وفي ظل الناس ومكان تجمعاتهم ، بل شدد في تحريم هذه الأفعال  حتى عدها من مسببات اللعن . فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم ” أتقوا الملاعن الثلاث : البراز في الموارد وقارعة الطريق والظل ” كما ” نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبال في الماء الراكد” . رواه البخاري ومسلم .

خطبة عن آداب الطعام والشراب

أيها الأخوة الكرام ؛ من موضوعات الفقه ، أو من موضوعات الآداب المتعلقة ببعض الأحكام هي أحكام أو آداب الشرع .
عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

((إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَأْكُلْ بِيَمِينِهِ وَإِذَا شَرِبَ فَلْيَشْرَبْ بِيَمِينِهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ ))

[ مسلم عن ابن عمر]

أول أدب أن تمسك كأس الماء بيمينك .

(( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ التَّيَامُنَ يَأْخُذُ بِيَمِينِهِ ، وَيُعْطِي بِيَمِينِهِ ، وَيُحِبُّ التَّيَمُّنَ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ ))

[متفق عليه عن عائشة]

إذاً مبدأ التيامن مبدأ من أساسيات آداب الإسلام .

((عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الشُّرْبِ قَائِمًا ))

[ مسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ]

تمسك الإناء بيمينك ، وتبدأ بالتيامن في كل شيء ، فإذا شربت فلا تشرب قائماً ، إلا في حالات نادرة كان عليه الصلاة والسلام يشرب ماء زمزم واقفاً.
ومن آداب الشرب ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه أنه :

((حُلِبَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاةٌ دَاجِنٌ وَهِيَ فِي دَارِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَشِيبَ لَبَنُهَا بِمَاءٍ مِنَ الْبِئْرِ الَّتِي فِي دَارِ أَنَسٍ فَأَعْطَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَدَحَ فَشَرِبَ مِنْهُ حَتَّى إِذَا نَزَعَ الْقَدَحَ مِنْ فِيهِ وَعَلَى يَسَارِهِ أَبُو بَكْرٍ وَعَنْ يَمِينِهِ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ عُمَرُ وَخَافَ أَنْ يُعْطِيَهُ الْأَعْرَابِيَّ أَعْطِ أَبَا بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدَكَ فَأَعْطَاهُ الْأَعْرَابِيَّ الَّذِي عَلَى يَمِينِهِ ثُمَّ قَالَ الْأَيْمَنَ فَالْأَيْمَنَ ))

[متفق عليه عن أنس بن مالك]

ولو وزن إيمان الخلق مع إيمان أبي بكر لرجح ، هو الصديق ما ساءني قط ، هكذا قال عليه الصلاة والسلام..
هذا من الأدب في شرب الماء ، وفي توزيع الضيافة ، الأيمن فالأيمن.

((عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِي اللَّه عَنْه قَالَ : أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَدَحٍ فَشَرِبَ مِنْهُ وَعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ أَصْغَرُ الْقَوْمِ وَالْأَشْيَاخُ عَنْ يَسَارِهِ فَقَالَ : يَا غُلَامُ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَهُ الْأَشْيَاخَ ؟ قَالَ : مَا كُنْتُ لِأُوثِرَ بِفَضْلِي مِنْكَ أَحَدًا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ ))

[متفق عليه عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ]

هذا أدب الضيافة..

((يَا غُلَامُ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَهُ الْأَشْيَاخَ قَالَ مَا كُنْتُ لِأُوثِرَ بِفَضْلِي مِنْكَ أَحَدًا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ..))

لأنه عن يمينه ، والتيامن يحسم كل القضايا ، ويحسم كل الحزازات ، ويحسم كل الشعور بالدون ، هذا يحسمه التيامن .

((عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : مَرَرْنَا عَلَى بِرْكَةٍ فَجَعَلْنَا نَكْرَعُ فِيهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَكْرَعُوا وَلَكِنِ اغْسِلُوا أَيْدِيَكُمْ ثُمَّ اشْرَبُوا فِيهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ إِنَاءٌ أَطْيَبَ مِنَ الْيَدِ ))

[ابن ماجة عَنِ ابْنِ عُمَرَ]

أي لا تشرب مباشرة من الماء ، اشرب الماء في إناء ، فإن لم يكن هناك إناء فاجعل يدك إناءً ، اغسل يدك واشرب الماء بيدك ، وهذا من أدب الشرب .

(( عَنْ جَابِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : غَطُّوا الْإِنَاءَ وَأَوْكُوا السِّقَاءَ.. ))

[ مسلم عَنْ جَابِرٍ]

وهذا من القواعد الصحية ، فالإناء المكشوف لا تدري ماذا سقط فيه ، والسقاء المفتوح لا تدري ماذا دخل فيه . وعن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قال :

((سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنِ اخْتِنَاثِ الْأَسْقِيَةِ ، قَالَ : مَعْمَرٌ أَوْ غَيْرُهُ هُوَ الشُّرْبُ مِنْ أَفْوَاهِهَا ))

[متفق عليه عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ]

أن تشرب من السقاء مباشرة ، لعل في هذا السقاء شيئاً لم تنتبه له ، فالنبي عليه الصلاة والسلام نهى عن ذلك. وفي حديث آخر :

(( مصوا الماء مصاً ، ولا تعبوه عباً فإن الكباد من العب ))

[أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث انس بالشطر الأول ولأبي داود في المراسيل من رواية عطاء بن أبي رباح “إذا شربتم فاشربوا مصا]

ونهى عليه الصلاة والسلام المرء عن أن يشرب من الإناء ، أو من ثلمة الإناء ، فالإناء المثلوم لا ينبغي أن تشرب منه ، لأن هذا الثلم ينطوي على بعض الجراثيم .

((عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الشُّرْبِ مِنْ ثُلْمَةِ الْقَدَحِ وَأَنْ يُنْفَخَ فِي الشَّرَابِ ))

[النرمذي عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ]

هناك بعض أنواع الجراثيم تنتقل عبر الزفير ، فنهى عن أن يتنفس الإنسان في الإناء ، وقد قال عليه الصلاة والسلام :

(( أبن القدح عن فيك ))

[كنز العمال عن أبي سعيد]

أمرنا أن نشرب الماء ثلاثاً :

(( عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا شَرِبَ تَنَفَّسَ ثَلَاثًا وَقَالَ هُوَ أَهْنَأُ وَأَمْرَأُ وَأَبْرَأُ ))

[أبو داود عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ]

اشرب على ثلاث دفعات ، وإذا شربت بين الدفعتين أبن القدح عن فيك ، ونهى عليه الصلاة والسلام المؤمنين أن يتنفسوا في الإناء ، هذه بعض آداب الشرب ، فالشرب شيء أساسي في حياتنا.

آداب المائدة

1- انتظار دعوة المضيف
يجب على الضيف أن ينتظر حتى يدعوه المضيف إلى مائدة الطعام، ويحرص على أن لا يظهر شعوره بالجوع، ومن الضروري تنبيه الأطفال إلى هذه الناحية وعدم طلب الطعام عند زيارة الأصدقاء قبل تحضير المائدة.

2- استخدام المنديل
من الضروري استخدام منديل خاص لمنع إراقة الطعام على الملابس أو الأرض، وتناول الطعام بهدوء لتجنب الفوضى وخاصة عند تناول الحساء والسوائل.

3- إتقان استخدام أدوات المائدة
يجب أن يتقن الطفل استخدام أدوات الطعام كالملعقة والشوكة والسكين بشكل جيد دون أن يسكب الطعام على نفسه أو على الأرض.

4- استخدام العبارات المهذبة
عند طلب شيء على المائدة يجب أن يكون ذلك بطريقة مهذبة وباستعمال عبارات مثل : من فضلك و شكراً، كما يفضل عدم الكلام كثيراً أثناء تناول الطعام والاقتصار على بعض عبارات المجاملة والثناء.

5- تناول الطعام بهدوء
ينصح بأن يتم تناول الطعام بهدوء وبطء وعدم ملء الفم بكميات كبيرة من الطعام، وذلك لسهولة الهضم من جهة وإظهار الاحترام واللباقة من جهة أخرى.

6- إفراغ الطبق من الطعام
يعد إفراغ الطبيق من الطعام من أهم الآداب التي يجب الانتباه إليها على المائدة وخاصة عند تناول الطعام خارج المنزل، ويفضل الانتباه إلى هذه الناحية قبل ملء الطبق بالطعام.

7- عدم إصدار الأصوات
يشعر البعض بالضيق عند إصدار الأصوات على المائدة، لذلك يجب الانتباه إلى عدم إصدار مثل هذه الأصوات أثناء تناول الحساء والعصير والمشروبات الأخرى.

8- الانتهاء من الطعام
بعد الانتهاء من تناول الطعام توضع كل من السكين والشوكة والملعقة والمنديل داخل الطبق بشكل منظم ويتم إبعادها سنتيمترات قليلة للفت انتباه المضيف.

آداب الطعام عند أهل البيت

الوضوء قبل الطعام وبعده
إن الشريعة الإسلامية أعطت أهمية خاصة للنظافة, ومن الأمور التي أمرتنا بالتأدب بها: الوضوء وغسل اليدين قبل الطعام وبعده, فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلّم قال:”الوضوء قبل الطعام وبعده ينفي الفقر”.

وفي رواية أخرى عنه صلى الله عليه وآله وسلّم قال:”إذا توضأت بعد الطعام فامسح عينيك بفضل ما في يديك فإنه أمان من الرمد”.

ومن آداب الوضوء الذي يسبق الطعام أن لا يستعمل الإنسان منديلا (منشفة) ليجفف به يديه قبل الطعام، فقد ورد في الرواية عن صفوان الجمال قال:”كنا عند أبي عبد الله عليه السلام فحضرت المائدة فأتى الخادم بالوضوء فناوله المنديل فعافه، ثم قال: منه غسلن”.

وأما في الوضوء الذي بعد الطعام فلا بأس بأن يجفف الإنسان يديه من بعده, ففي الرواية عن نزار قال:”رأيت أبا الحسن عليه السلام إذا توضأ قبل الطعام لم يمسّ المنديل وإذا توضأ بعد الطعام مسَّ المنديل”.

البسملة والدعاء
وهي من الآداب المشهورة, وقد ورد في الرواية عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال:”اذكروا الله عز وجل عند الطعام ولا تلغوا فيه: فإنه نعمة من نعم الله يجب عليكم فيها شكره وحمده, أحسنوا صحبة النعم قبل فراقها، فإنها تزول وتشهد على صاحبها بما عمل فيه”.

وفي رواية أخرى عن الإمام الصادق عليه السلام قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم قال:”إذا وضعت المائدة حفها أربعة أملاك، فإذا قال العبد: “بسم الله ” قالت الملائكة للشيطان: اخرج يا فاسق فلا سلطان لك عليهم. وإذا فرغوا فقالوا: “الحمد لله” قالت الملائكة: قوم أنعم الله عليهم فأدوا الشكر لربهم. وإذا لم يقل: “بسم الله” قالت الملائكة للشيطان: ادنُ يا فاسق فكل معهم. فإذا رفعت المائدة ولم يحمدوا الله قالت الملائكة: قوم أنعم الله عليهم فنسوا ربهم”.

ووردت التسمية على كل صنف من أصناف الطعام الموجود على المائدة, وإذا كان الشخص ممن ينسى ذلك عليه أن يعمل بما أوصى به الإمام الصادق عليه السلام فقد روي عنه عليه السلام:”أن من نسي أن يسمي على كل لون فليقل: بسم الله على أوله وآخره”.

إطالة الجلوس
ومن الآداب أن يطيل الإنسان مكوثه أثناء تناوله للطعام وأن لا يستعجل في الانتهاء، لأن الوقت الذي يتناول الإنسان فيه قُوته لا يسأله الله تعالى عنه, فقد ورد في الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام قال:”أطيلوا الجلوس على الموائد، فإنها ساعة لا تحسب من أعماركم”.

تناول الفتات
من الآداب أن يتناول الإنسان الفتات المتساقط من الطعام, حيث ورد في الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم:”من وجد كسرة أو تمرة فأكلها لم تفارق جوفه حتى يغفر الله له”.

ومن الثواب الذي أعده الله تعالى على هذا العمل الذي يتصوره الإنسان عملاً قليلاً، ما ورد في الرواية عن الإمام الرضا عليه السلام، عن أبيه عليه السلام، عن آبائه عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم: ” ما سقط من المائدة مهور الحور العين”.

فمن أحب أن يدفع مهر الحور العين قبل أن يدخل الجنة فما عليه إلا أن يستنّ بسنّة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلّم وأهل بيته عليهم السلام ويقوم بهذا العمل القليل ذي الأجر العظيم.

الإفتتاح بالملح والإختتام به
ومن آداب الطعام أيضاً أن يفتتح الإنسان الطعام بتناول حبات قليلة من الملح وأن يختتم طعامه بالملح أيضاً، حيث ورد في الرواية أن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلّم قال للإمام علي عليه السلام: “يا علي افتح بالملح واختتم به، فإنه شفاء من سبعين داء، منها الجنون والجذام والبرص ووجع الحلق ووجع الأضراس ووجع البطن”.

أن يأكل الإنسان من قدّامه
قد جرت العادات على أن يأكل كل إنسان من أمامه أي من الطعام الذي في جهته, وكذا يعتبر العرف أن الأكل من أمام الآخرين من العادات السيئة, وكذلك الشرع أدّبنا على أن نكون كذلك ففي الرواية عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلّم: “إذا وضعت المائدة بين يدي الرجل فليأكل مما يليه، ولا يتناول مما بين يدي جليسه”.

أطعم من يشتهي طعامك
من الآداب المهمة أن يتعلم الإنسان المواساة في أمور دنياه فيواسي المسكين في طعامه إذا وقف ينظر إليه أثناء تناوله له, ففي الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم: “من أكل وذو عينين ينظر إليه ولم يواسه ابتلي بداء لا دواء له”.

بل إن أئمة أهل البيت عليهم السلام علمونا أن نكفي حاجات حتى الحيوان إذا وقف أمامنا أثناء الطعام, ففي الرواية: “رأيت الحسن بن علي يأكل وبين يديه كلب، كلما أكل لقمة طرح للكلب مثلها، فقلت له: يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ألا أَرْجُمُ هذا الكلب عن طعامك ؟ قال: دعه، إني لأستحيي من الله تعالى أن يكون ذو روح ينظر في وجهي وأنا آكل ثم لا أطعمه”.

عدم الأكل باليد اليسرى
ومن الآداب التي حثت عليها الروايات أيضاً أن لا يأكل الإنسان أو يشرب بيده اليسرى, بل يباشر الطعام بيده اليمنى, ففي الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام أنه كره أن يأكل بشماله أو يشرب بها أو يتناول بها.

لا تأكل أثناء المشي
والأكل أثناء المشي من الأمور التي لا يحبذها العرف, وخصوصاً للإنسان المؤمن, بل إن هذا العمل مما يسقط هيبة الإنسان واعتباره من أعين الناس، وقد ورد النهي عن ذلك في الروايات, ففي الحديث عن أبي عبد الله عليه السلام قال:”لا تأكل وأنت تمشي إلا أن تضطر إلى ذلك”.

لا تأكل الطعام حاراً
لقد أدبتنا الشريعة على انتظار الطعام حتى يبرد، ففي الرواية عن أمير المؤمنين علي عليه السلام:”أقروا الحار حتى يبرد، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم قرب إليه طعام حار فقال: أقروه حتى يبرد، ما كان الله عز وجل ليطعمنا النار، والبركة في البارد”.

ومن الآداب الشرعية أيضاً أن لا ينفخ الإنسان على الطعام الحار حتى يبرد، فقد ورد في الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام – عن آبائه عليه السلام في حديث: ونهى أن ينفخ في طعام أو شراب.

آداب تناول الطعام بالانجليزية

Etiquette of eating

 

السابق
دواء كوتينيزا Qutenza يستخدم موضعياً لإعطاء راحة مؤقتة من آلام العضلات
التالي
ما هي خطوط الطول والعرض

اترك تعليقاً