منوعات

العمل عبادة

مفهوم العمل عبادة

يرتبط مفهوم العمل بالعبادة في الاسلام، ويرتبط  العمل بمفهوم العبادة من عدة جوانب، منها:

  • من ناحية الثواب والأجر فإن المسلم وكما يتحصّل على الأجر من أدائه لعبادات الصلاة والصيام والزكاة، وكما يتحصّل على الأجر من أعماله الصّالحة مع النّاس وبرّه بوالديه، وتعامله الحسن مع زوجته، حتى ما يضع في فيّها من طعام، فإنّه يتحصّل على الأجر والثّواب من الله تعالى على عمله لأنّه عمل مشروعٌ يحصل من خلاله على الرّزق الحلال الطّيب بعيدًا عن الرّزق الحرام وسبله .
  • من ناحية غفران الذّنوب، كما يغفرُ الله للمسلم المؤدّي لعبادته يغفرُ لمن يخرج من بيته للعمل والإنتاج.
  • كما أن العمل يدل على التّوكل على الله تعالى والذي هو من كمالِ الإيمان والتّوحيد، فالمسلمُ صاحب العقيدة السّليمة يعلمُ أنّ متطلّبات تحقيق العبوديّة لله تعالى التّوكل عليه،فيعلم يقيناً أنّ الله سبحانه وتعالى الذي كتب رزقه سوف يتكفّل به، وهذا من أسمى تجلّيات العبوديّة لله، وفي الحديث الشّريف وصف لحقيقة التّوكل على الله حينما تكلّم النّبي -عليه الصّلاة والسّلام- عن حال مَن يتوكّل على الله حقّ توكله فيرزقه الله كما يرزق الطّير حينما تغدو خماصاً ثمّ تروح في آخر النّهار بطاناً.
  • من ناحية النّيةِ والقصد يعتبرُ العمل عبادة؛ لأنّ نية المسلم فيه الإنفاق على زوجته وأولاده وكسوتهم وإطعامهم، كما تكون نيّته فيه كسب قوت يومه من الرّزق الحلال الطّيب، وإنّما تقاسُ أعمال الإنسان بنيّاته، ولكلّ امرئٍ ما نوى.

اثبات ان العمل عبادة

العمل المباح كالتجارة والصناعة .. ونحوها يكون عبادة إذا نوى الإنسان به نية حسنة ، ككف نفسه عن سؤال الناس والحاجة إليهم ، أو النفقة على أهله ، والتصدق على المحتاجين ، وصلة الرحم ، ونفع المسلمين بهذا العمل .. ونحو ذلك من النيات الصالحة التي يثاب عليها .

ولكن .. بشرط : أن لا يشغله هذا العمل عما أوجبه الله عليه ، كالصلاة والزكاة والصيام ، قال الله تعالى : (رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ) النور/37 .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

“وأما العمل فإنه لا يصح أن نقول إن العمل عبادة إلا العمل الذي هو تعبد لله ، فهذا لا شك فيه ، لكن العمل من أجل الدنيا : هذا ليس بعبادة إلا أن يؤدي إلى أمرٍ مطلوبٍ شرعاً ، مثل أن يعمل لكف نفسه وعائلته عن سؤال الناس ، والاستغناء بما أغناه الله عز وجل ، ولهذا جاء في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام : (الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله -قال الراوي- أحسبه قال كالصائم لا يفطر وكالقائم لا يفتر) والعمل للدنيا على حسب نية العامل ، فإن أراد به خيراً كان خيرا ، وإذا أراد به سوى ذلك كان على ما أراد ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئٍ ما نوى)”.

العمل عبادة في القرآن

لقد أعلن القرآن الكريم دعوته الأكيدة على ضرورة العمل، وعلى الكسب، وبذل الجهد قال اللّه تعالى: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
إن المنهج الإسلامي يتسم بالتوازن بين العمل لمقتضيات الحياة في الأرض، وبين العمل في تهذيب النفس، والاتصال باللّه تعالى وابتغاء رضوانه، وإلى ذلك يشير القرآن الكريم: (وابتغ فيما آتاك اللّه الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا) إنه ليس من الإسلام في شيء أن يتجه المسلم بجميع قواه وطاقاته لتحصيل متع الحياة، والظفر بملاذها وينصرف عن اللّه، وكذا لا يتجه نحو عمل المثوبة فحسب بل عليه أن يعمل لدنياه وآخرته معاً.
إن القرآن الكريم قد دعا الناس إلى العمل، وحثهم عليه وحتّم عليهم أن يكونوا إيجابيين في حياتهم يتمتعون بالجد والنشاط ليفيدوا ويستفيدوا، وكره لهم الحياة السلبية، والانكماش والانزواء عن العمل، قال تعالى: (فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ).

إن اللّه تعالى خلق الأرض، وملأها بالنعم والخيرات لأجل أن يعيش الإنسان في رفاهية وسعة قال تعالى: (وَآَيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (*) وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ (*) لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ).

ولن يظفر الإنسان بهذه النعم إلا بالعمل والجد والكسب.

العمل عبادة وشرف

ان المسلم ما خُلق ليكون عالة، ولا ليكون نكرة في الحياة، ولا ليكون عطالاً بطالاً، بل خُلق للعبادة والعمل، خلق للإنتاج والإنجاز، قال الله في حق المسلم: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِين} [فصلت: 33].

فليس المسلم تكملة عدد في الوجود، أو صفراً على الشمال في الرقم المعدود، ولن يكون المسلم بلا وظيفة ولا رسالة، ولن يكون أبداً على هامش الحياة بلا عمل ولا مهمة، بل المسلم هو العابد في مسجده، والتاجر في سوقه، والبنّاء في أرضه، والمزارع في بستانه، يملأ الأرض عبادة لله وعمارة لأرض الله، فهو كالغيث حيثما وقع نفع، يعمل لأخرته كأنه سيموت غداً، ويعمل لدنياه كأنه يعيش أبداً، يصدق عليه قول القائل:

عباد ليل إذا جــنَّ الظلام بهــــم كم عابد دمعــه في الخد أجراه

وأُسْدُ غابٍ إذا نادى الجهاد بهـم هبوا إلى الموت يستجدون لقياه

يا رب فابعث لنا من مثلهم نفراً يشـــيدون لنا مجـــــداً أضعناه

يردد دائماً قول ربه جل جلاله: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: 201].

فالعمل هو الجامع للنهضة والقيادة .

اتقان العمل عبادة

       الإتقان هو القيام بالعمل المراد عمله والإنتهاء منه على أحسن وجه وأفضل صورة ويكون ذلك ببذل الجهد وعدم التراخي في العمل، وكلمة اتقان مصدر لكلمة أتقن بمعنى أنجاز العمل بإتقان وبإحكام وبمنتهى الدقة، والمعنى الإجمالي لمصطلح إتقان هو الشيءالذي يقوم الإنسان بعمله حتى يتسنى له كسب المهارات الأزمة لإنهاء أي عمل يقوم به في حياته العملية أو حتى حياته المجتمعية على الوجه المطلوب والمراد والمناط به.

ومن الأحاديث الشريفة التي تحث على اتقان العمل هي : قوله صلى الله عليه وسلم ” إن الله يحب إذا عمل أحد كم عملاً أن يتقنه ” نجد أن كثير من تلك المبادئ قد اهتم بها الإسـلام وعمل على ترسيخها فالإتقان سمة أساسية في الشخصية المسلمة يربيها الإسلام فيه منذ أن يدخل فيه، وهي التي تحدث التغيير في سلوكه ونشاطه؛ فالمسلم مطالب بالإتقان في كل عمل تعبدي أو سلوكي أو معاشي؛ لأن كل عمل يقوم به المسلم بنية العبادة هو عمل مقبول عند الله يُجازى عليه سواء كان عمل دنيا أم آخرة.

قصة العمل عبادة

كان يا ما كان في زمن من الأزمان شاب صغير فقير لا يوجد لديه ما يعينه علي قوت يومه كان يمشي بالطريق وأخذه إلي صديق شاطئ البحر وجلس يحاول أن يفكر كيف يحضر طعام وجد صياد وبيده شبكه فحكي له ما هو فيه فأعطاه سمكه وأخذها وذهب وجاء اليوم الثاني في نفس المكان ورأي نفس الصياد وأعطاه سمكه واخذ يفعل هذا كل يوم وبعد أسبوع من ذلك طلب من الصياد أن يعلمه كيف يصطاد حتى يقدر أن يكون له عمل يقويه علي قوت يومه وتعلم الشاب الصيد واخذ يصطاد ويذهب إلي السوق يبيع السمك ويأخذ عليه نقود وبعد فتره احترف الشاب الصيد واشتري شبكه كبيره وأصبح لديه مبلغ من المال فشتري قارب صغير واخذ يصطاد من داخل البحر وأصبحت حياته سعيدة وزال الفقر وبداء حياة جديدة دون أن يشغل باله بماذا يأكل غدا أو من أين يأتي بطعامه.

هذه القصة تعلمنا أن العمل هو ما يجعلك تقاوم كل ظروفك فالعمل شئ مهم جدا.

 

السابق
حليمة السعدية
التالي
فضل صلاة الجماعة

اترك تعليقاً