ديني

فضل صلاة الجماعة

فضل صلاة الجماعة والحكمة من مشروعيتها

       حكمة الله-عزوجل-بالغةٌ في كل شيء، فما من شيء خلقه أو شرعه أو أمر به إلا وله فيه حكمة، فإما أن تكون هذه الحكمة ظاهرة للناس أو أنه-سبحانه وتعالى-أخفاها عليهم لحكمة، وإن من أعظم شيء في شرعه-سبحانه وتعالى-هي الصلاة، فقد جاء هذا الدين لينظم حياة المسلم أيما تنظيم، ويربطها بخالقها في معظم أوقاته إن لم نقل كلها، فهاهي صلاة الفجر من أول بدء اليوم الجديد إذ بالشارع الحكيم قد أمر عباده أن يبدؤه بالاتصال به-عزوجل-، ثم لا يتركهم فترة ليست بالطويلة إلا ويأمرهم أن يأتوا بالصلاة الأخرى ألا وهي صلاة الظهر، وهكذا العصر, والمغرب, والعشاء، كل هذا لكي لا يكون المسلم بعيداً غافلاً عن ربه وخالقه، بل لا بد أن يكون على اتصال دائمٍ مع خالقه ومولاه؛ لكي يهذَّب نفسه مع باريها وخالقها، ولكي تطلب حاجتها منه سبحانه، وكذلك دفع ما نزل بها من مصائب وكربات، فيا لها من حكمة حيرت العقلاء في معرفتها، سبحانك ربي سبحانك.

 لا يستطيع أن يدعي أحد أنه علم الحكمة كاملة من أي عمل أمر الله به أو نهى عنه, وإنما هي محاولة لإظهار مع يستطاع الوصول إلى معرفته، ثم يترك مالا يستطاع الوصول إليه إلى حكمة الله في إخفائه، من فضل الله تعالى على عباده أنه جعل الثواب الجزيل على أداء الصلاة في الجماعة. فقال الله-تعالى-:{وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ}(43) سورة البقرة.

قال ابن كثير-رحمه الله-: “أمرهم أن يركعوا مع الرّاكعين من أمّة محمد-صلى الله عليه وسلم-يقول: كونوا معهم ومنهم”(1).

وأما عن فضلها وأنها أبلغ في الجزاء والثواب من صلاة الفرد أو الفذ, فقد وردة في ذلك أحاديث صحيحة, ففي صحيح البخاري من حديث عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما- أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-قال: (صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة).  

 وفي رواية أبي سعيد الخدري أنه سمع النبي-صلى الله عليه وسلم-يقول:(صلاة الجماعة  تفضل صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة), وعند مسلم من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-:(صلاة الجماعة تعدل خمساً وعشرين من صلاة الفذ).

حكم صلاة الجماعة

صلاة الجماعة في المسجد سنة مؤكدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذه هو المشور عن أهل العلم .

فقال ابن بطال (وأجمع الفقهاء أن الجماعة في الصلوات سنة إلا أهل الظاهر ). شرح صحيح البخاري لابن بطال (2/ 269) .

(صلاة الجماعة سنة، وهذا هو الذي عليه أكثر الشيوخ، وكثيرهم يقول: سنة مؤكدة). مواهب الجليل في شرح مختصر خليل (2/ 81) .

وليس معنى أنها سنة مؤكدة أن نتهاون في أدائها جماعة ، فقد حثنا النبي صلى الله عليه وسلم على الصلاة ففي المسجد جماعة وجعل لها ثوابا عظيما ، وتوعد من يتهاون عنها .
فقال صلى الله عليه وسلم في فضل الجماعة «صَلاَةُ الجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلاَةَ الفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» . صحيح البخاري (1/ 131) .

فضل صلاة الجماعة على صلاة الفرد

فرّق النّبي -عليه الصّلاة والسّلام- بين صلاة الفرد في بيته منفرداً وصلاته في المسجد جماعةً من ناحية الأجر والثّواب، كما استنبط علماء الأمّة الكثير من الفوارق بين صلاة الفرد وصلاة الجماعة في جوانبَ أخرى، فصلاة الجماعة ترتّب للمسلم أجراً وثواباً يتمثّل فيما يلي:

  • بيّن النبي -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الشّريفِ أنّ صلاة الجماعة في المساجد تعدلُ صلاة المسلم منفرداً بسبعٍ وعشرين درجة، وهذا بلا شكّ يدلّ على فضل صلاة الجماعة وأجرها المضاعف عن صلاة المسلم منفرداً في بيته.
  • أنّ صلاة المسلم في الجماعة تتطلّب منه حثّ الخطى إلى المساجد والسّعي إليها، وهذا يرتّب له الأجر والثّواب حيث يكون له في كلّ خطوةٍ يخطوها إلى المسجد درجة، وفي كلّ خطوةٍ كذلك يحطّ عنه خطيئة، بينما لا يتحقّق ذلك في صلاة الفرد.
  • أنّ المشّائين إلى المساجد في الظّلمات في صلاة العشاء أو الفجر من اللّذين يدركون النّور التّام يوم القيامة، ففي الحديث الشّريف: (بَشِّرْ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَة).
  • أنّ صلاة المسلم في المساجد والحرص عليها تعدّ من تعلّق القلوب التي يرتب الله عليها الأجر والثّواب العظيم يوم القيامة، حيث يظلّ الله تعالى بظلّه من كان معلقًا قلبه بالمساجد.
  • أنّ انتظار الصّلوات في المساجد وتحيّن أوقاتها تعدّ من الرّباط الذي يؤجر عليه المسلم بالثواب العظيم.

فضل صلاة الجماعة في المسجد ودعاء الملائكة الذين يصلون في الصفوف الاولى

تصلي الملائكة للقاعد في انتظار الصلاة، وهو الذي يجلس في المسجد ينتظر الصلاة فهو في صلاة ما لم يحدث، تدعو له الملائكة: “اللهم اغفر له، اللهم ارحمه” فهو مادام أنه في انتظار الصلاة فهو في صلاة ورحمة ودعاء، ولذا كان السلف -رحمهم الله- يحرصون على هذا العمل الجليل.

وعلى أهل الصفوف المتقدمة في الصلاة فهؤلاء من أصحاب الحظ العظيم، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “إن الله وملائكته ليصلون على الصف الأول”. وكلما كان الصف متقدمًا كان أفضل لقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: “إن الله -عز وجل- وملائكته يصلون على الصفوف الأول”.

وأفضل الصفوف الأول لقول المصطفى -عليه الصلاة والسلام-: “لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا”.

وممن يسعدون باستغفار الملائكة لهم أولئك: الذين يكونون عن يمين الإمام في الصلاة؛ لقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: “إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف”.

وقد كان الصحابة -رضي الله عنهم- يحرصون أن يكونوا عن يمين رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عند صلاتهم خلفه، فقد روى مسلم عن البراء بن عازب – رضي الله عنه – قال: “كنا إذا صلينا خلف رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أحببنا أن نكون عن يمينه يُقبل علينا بوجهه”.

وممن تصلي عليهم الملائكة: الذين يصلون الصفوف ويتمونها ويسدون فيها الفُرج، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “إن الله -عز وجل- وملائكته -عليهم السلام- يصلون على الذين يصلون الصفوف”. “ومن سد فرجة رفعه الله بها درجة”.

وقال صلى الله عليه وسلم: “ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها؟ يتمون الصلاة بالصفوف الأول ويتراصون في الصف”. ولذا كان الصحابة يلزق أحدهم منكبه بمنكب صاحبه وقدمه بقدمه.

فضل صلاة الجماعة واهميتها

الصلاة واجبة في المسجد للرّجل، كما حثّ الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلم، ولها أهميّة جمّة على المجتمع والفرد، منها:

  • أجر صلاَة الجماعة يزيد على أجر صلاة الفرد للمسلم.
  • بذهاب المسلم إلى صَلاَة الجماعة يُرفع درجةً في الجنة مع كلّ خطوة يخطوها، وتحطّ عنه خطيئة مع كل خطوة يخطوها.
  • بصَلاَة الجماعة تصلّي الملائكة على المصلّي طوال الوقت وهو قائم يصلي.
  • تفْضُلُ صلاة الجماعة على صلاة الفرد لوحده بسبعٍ وعشرين درجة، ويضاعف الله لمن يشاء.
  • من يصلّي صلاة العشاء جماعة فهو كمن قام نصف الليل،
  • ومن يُصلّي صلاة الفجر جماعة فكأنّما صلّى الليل كله، حسبما قال الرّسول الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم.
  • تميّز صَلاَة الجماعة بين المسلم الصادق والمنافق الّذي يدخل المِراءُ قلبه؛ فأثقل الصَّلوات على المنافق العشاء والفجر في الجماعة، وهذا لأنّهما في الظلام، فقلب المنافق يُرائي في النور وفي الظلام يسكن، ولأنّه في الجو البارد يخلد جسد المنافق إلى الراحة.
  • من يُؤدّي الصَّلاة في جماعة يحجز له منزلٌ في الجنة.
  • المحافظة على صلاة الجماعة سبب من أسباب اكتمال الدين.
  • من صلّى الجماعة أربعين ليلة فلم تفتهُ التكبيرة كُتبت له براءتان: الأولى براءةٌ من النار، والثانية براءةٌ من الرّياء.
السابق
العمل عبادة
التالي
فوائد البطيخ

اترك تعليقاً