الأسرة في الإسلام

حقوق الابناء على الوالدين

خطبة مكتوبة عن حقوق الأبناء على الآباء

الْحَمْدُ لله الَّذِي فَرَضَ عَلَى الآبَاءِ وَالأُمَّهَاتِ حُسْنَ تَرْبِيَةِ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ، وَجَعَلَ الأَوْلَادَ وَالأَحْفَادَ وَالزَّوْجَاتِ، وَالإِخْوَةَ الصِّغَارَ وَالأَخَوَاتِ، أَمَانَةً فِي يَدِ الْقَائِمِينَ عَلَيْهِمْ مِنْ جُمْلَةِ الأَمَانَاتِ، يُسْأَلُونَ عَنْهُمْ يَوْمَ الدِّينِ كَمَا يُسْأَلُونَ عَنْ سَائِرِ الْوَاجِبَاتِ.

نَحْمَدُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى الله وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ.

أَمَّا بَعْدُ:

عِبَادَ الله: مَنْ رُزِقَ الْمَالَ وَالْوَلَدَ، فَقَدْ رُزِقَ خَيْرًا عَظِيمًا، وَمَنْ شَكَرَ اللَّهَ عَلَى نِعْمَتِهِ زَادَهُ مِنْهَا، وَكَانَ الله شَاكِرًا عَلِيمًا، قَالَ الله تَعَالَى: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا * مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لله وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا) [نوح: 10- 14]، وَمِنْ وَقَارِ الله تَعَالَى الْقِيَامُ بِحُقُوقِ هَذِهِ النِّعْمَةِ؛ لأَنَّهُ عَنْ ذَلِكَ يَكُونُ مَسْئُولاً.

صَحَّ عَنْ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: “الرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا”.

أَخِي الْمُسْلِمَ: كَمَا عَلِمْتَ حُقُوقَ الْوَالِدَيْنِ وَوَاجِبَ بِرِّهِمَا وَطَاعَتِهِمَا، فِي الْخُطْبَةِ السَّابِقَةِ، فَاعْلَمْ أَنَّ لِلأَوْلادِ حُقُوقًا عَلَى وَالِدَيْهِمْ يَجِبُ عَلَيْهِمْ أَدَاؤُهَا، وَآدَابًا يَلْزَمُهُمُ الْقِيَامُ بِهَا:

فَالأَوَّلُ مِنْ ذَلِكَ: تَعْلِيمُهُمُ الْعَقِيدَةَ الصَّحِيحَةَ، عَقِيدَةَ السَّلَفِ الصَّالِحِ، أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ؛ لِقَوْلِهِ -صلى الله عليه وسلم-: “مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ” -وَفِي رِوَايَةٍ: “وَيُشَرِّكَانِهِ”- كَمَا تَنْتِجُونَ الإِبِلَ، فَهَلْ تَجِدُونَ فِيهَا جَدْعَاءَ حَتَّى تَكُونُوا أَنْتُمْ تَجْدَعُونَهَا”. [رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ]. وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: “مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلاَّ وَهُوَ عَلَى الْمِلَّةِ، حَتَّى يُبَيِّنَ عَنْهُ لِسَانُهُ”.

الثَّانِي: أَمْرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ، وَحَمْلُهُمْ عَلَى الْخَيْرِ وَالطَّاعَةِ لله وَلِرَسُولِهِ، وَنَهْيُهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَتَجْنِيبُهُمُ الْكُفْرَ وَالْمَعَاصِيَ، وَالْمَفَاسِدَ وَالشُّرُورَ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا) [التَّحْرِيمِ: 6].

وَلِقَوْلِهِ -صلى الله عليه وسلم-: “مُرُوا أَوْلاَدَكُمْ بِالصَّلاَةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعٍ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ”. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ بِلَفْظِ: “عَلِّمُوا الصَّبِيَّ الصَّلاةَ ابْنَ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُ عَلَيْهَا ابْنَ عَشْرٍ”.

الثَّالِثُ: حُسْنُ تَرْبِيَتِهِمْ، وَتَأْدِيبُهُمْ بِتَعْلِيمِهِمُ الصِّدْقَ وَالأَخْلاَقَ الْجَمِيلَةَ وَمَكَارِمَ الأَخْلَاقِ، وَمُجَالَسَةَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَنَهْيِهِمْ عَنِ الْكَذِبِ وَسُوءِ الأَخْلاَقِ، وَمُجَالَسَةِ أَهْلِ الْبَطَالَةِ وَاللَّعِبِ وَالسُّوءِ؛ لِقَوْلِهِ -صلى الله عليه وسلم-: “لأَنْ يُؤَدِّبَ الرَّجُلُ وَلَدَهُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِصَاعٍ”. [رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ]. وَلِقَوْلِهِ -صلى الله عليه وسلم-: “مَا نَحَلَ وَالِدٌ وَلَدًا مِنْ نِحْلَةٍ أَفْضَلَ مِنْ أَدَبٍ حَسَنٍ”. [رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ]. والنِّحْلَةُ: الْعَطِيَّةُ وَالْهِبَةُ. وَلِقَوْلِهِ: “عَلِّمُوا أَوْلاَدَكُمْ وَأَهْلِيكُمُ الْخَيْرَ وَأَدِّبُوهُمْ”. [رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ].

الرَّابِعُ: وُجُوبُ النَّفَقَةِ عَلَى الأَوْلادِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) [الْبَقَرَةِ: 233]، أَيْ: (وَعَلَى الْمَوْلُودِ) -وَهُوَ الأَبُ- (رِزْقُهُنَّ) أَيْ: طَعَامُ الْوَالِدَاتِ، (وَكِسْوَتُهُنَّ) أَيْ: لِبَاسُهُنَّ، (بِالْمَعْرُوفِ) أَيْ: بِمَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ أَمْثَالِهِنَّ فِي بَلَدِهِنَّ مِنْ غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلاَ إِقْتَارٍ.

وَلِقَوْلِهِ -صلى الله عليه وسلم-: “خُذِي مِنْ مَالِهِ مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ”. [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ]. وَلِقَوْلِهِ: “مَنْ عَالَ ثَلاَثَ بَنَاتٍ فَأَدَّبَهُنَّ، وَزَوَّجَهُنَّ، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ، فَلَهُ الْجَنَّةُ”.

الْخَامِسُ: الْعَدْلُ وَالْمُسَاوَاةُ بَيْنَ الأَوْلادِ مِنْ بَنِينَ وَبَنَاتٍ فِي الْعَطَاءِ وَالْهِبَةِ وَالْمَحَبَّةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْمُفَاضَلَةِ بَيْنَهُمْ؛ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ -رَضِيَ الله عَنْهُمَا- أَنَّ أَبَاهُ أَتَى بِهِ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا -أَيْ أَعْطَيْتُهُ- غُلاَمًا كَانَ لِي. فَقَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: “أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَهُ مِثْلَ هَذَا؟”، فَقَالَ: لاَ. فَقَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: “فَأَرْجِعْهُ”. وَفِي رِوَايَةٍ: فَقَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: “أَفَعَلْتَ هَذَا بِوَلَدِكَ كُلِّهِمْ؟!”، قَالَ: لاَ. فقال -صلى الله عليه وسلم-: “اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا فِي أَوْلادِكُمْ”.

السَّادِسُ: تَحْسِينُ الاسْمِ، لِقَوْلِهِ -صلى الله عليه وسلم-: “إِنَّكُمْ تُدْعَوْنَ بِأَسْمَائِكُمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِكُمْ، فَأَحْسِنُوا أَسْمَاءَكُمْ”. [رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ].

السَّابِعُ: الْعَقِيقَةُ، أَيِ الذَّبِيحَةُ عَنِ الْمَوْلُودِ؛ لِقَوْلِهِ -صلى الله عليه وسلم-: “عَنِ الْغُلاَمِ شَاتَانِ مُتَكَافِئَتَانِ -أَيْ مُتَسَاوِيَتَانِ سِنًّا وَشَبَهًا- وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ”. [رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ].

الثَّامِنُ: الْمُبَادَرَةُ بِالْخِتَانِ؛ لأَنَّهُ فِي زَمَنِ الصِّغَرِ أَفْضَلُ؛ لِقَوْلِهِ -صلى الله عليه وسلم-: “الْفِطْرَةُ خَمْسٌ: الْخِتَانُ…”. الْحَدِيثَ.

فَاتَّقُوا اللَّهَ -عِبَادَ الله-، وَأَدُّوا مَا أَوْجَبَ الله عَلَيْكُمْ مِنَ الْحُقُوقِ، فَإِنَّ بَعْضَ النَّاسِ لاَ يُهِمُّهُ مِنْ بَنِيهِ إِلاَّ أَنْ يَكُونُوا مُوَظَّفِينَ أَوْ تُجَّارًا أَوْ مُحْتَرِفِينَ، يَكْتَسِبُونَ الْمَالَ وَلَوْ كَانَتِ الْحِرْفَةُ طَبْلاً وَمِزْمَارًا، وَلاَ يُبَالِي بِهِمْ إِذَا جَمَعُوا الْمَالَ: أَصَالِحِينَ كَانُوا أَمْ أَشْرَارًا، وَقَدِيمًا قِيلَ: أَشْبِعْ وَلَدَكَ وَأَحْسِنْ أَدَبَهُ، وَأَجْمِعْ لَهُ أَدَبًا وَلاَ تَكْتَسِبْ لَهُ ذَهَبًا.

وَالأَبْنَاءُ وَرَثَةُ آبَائِهِمْ طَبَائِعَ وَآثَارًا، وَكَمَا تُحِبُّ أَنْ يَكُونَ أَوْلادُكَ فَكُنْ أَنْتَ إِقْبَالاً وَإِدْبَارًا فَإِنَّمَا الْوَلَدُ سِرُّ أَبِيهِ: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ) [الطُّورِ: 21].

أَسْأَلُ اللَّهَ –تَعَالَى- أَنْ يَرْزُقَنَا عِلْمًا نَافِعًا، وَعَمَلاً مُتَقَبَّلاً، وَرِزْقًا طَيِّبًا، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاءِ.

بَارَكَ الله لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ وَتُوبُوا إِلَيْهِ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

الْحَمْدُ لله جَعَلَ التَّقْوَى خَيْرَ زَادٍ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَأَشْكُرُهُ، وَالشُّكْرُ وَاجِبٌ لَهُ عَلَى كُلِّ الْعِبَادِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى الله وَسَلَّمَ، وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَيَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ: أَخْوَفُ مَا يُخَافُ عَلَى الصَّغِيرِ سُكُوتُ مُرَبِّيهِ عَلَى قَبِيحِ فِعَالِهِ، وَفُحْشِ لِسَانِهِ، وَإِعْطَاؤُهُ كُلَّ مَا يُحِبُّ، وَاسْتِغْرَاقُهُ فِي اللَّعِبِ، وَتَفْضِيلُهُ عَلَى إِخْوَانِهِ، وَمُرَافَقَةُ الأَشْرَارِ فِي الشَّارِعِ وَالدَّارِ، وَعَنِ الْمَرْءِ لاَ تَسْأَلُوا وَلَكِنِ اسْأَلُوا عَنْ أَقْرَانِهِ.

وَالطِّفْلُ شَاشَةٌ بَيْضَاءُ، يَنْقُشُ الْمُرَبِّي مَا يَشَاءُ عَلَيْهَا مِنْ أَلْوَانِهِ؛ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رَضِيَ الله عَنْهُ- يَشْكُو إِلَيْهِ عُقُوقَ ابْنِهِ، فَأَحْضَرَ عُمَرُ الْوَلَدَ، وَأَنَّبَهُ عَلَى عُقُوقِهِ لأَبِيهِ وَنِسْيَانِهِ لِحُقُوقِهِ، فَقَالَ الْوَلَدُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: أَلَيْسَ لِلْوَلَدِ حُقُوقٌ عَلَى أَبِيهِ؟! قَالَ عُمَرُ: بَلَى. قَالَ: فَمَا هِيَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟! قَالَ عُمَرُ: أَنْ يَنْتَقِيَ أُمَّهُ، وَيُحْسِنَ اسْمَهُ، وَيُعَلِّمَهُ الْكِتَابَ -أَيِ الْقُرْآنَ-. قَالَ الْوَلَدُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: إِنَّ أَبِي لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ؛ أَمَّا أُمِّي فَإِنَّهَا زِنْجِيَّةٌ كَانَتْ لِمَجُوسِيٍّ، وَقَدْ سَمَّانِي جُعَلاً، وَلَمْ يُعَلِّمْنِي مِنَ الْكِتَابِ حَرْفًا وَاحِدًا. فَالْتَفَتَ عُمَرُ إِلَى الرَّجُلِ، وَقَالَ لَهُ: جِئْتَ إِلَيَّ تَشْكُو عُقُوقَ ابْنِكَ، وَقَدْ عَقَقْتَهُ قَبْلَ أَنْ يَعُقَّكَ، وَأَسَأْتَ إِلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُسِيءَ إِلَيْكَ.

فَاتَّقُوا اللَّهَ -عِبَادَ الله- فِي أَوْلاَدِكُمْ؛ فَقَدْ وَصَّاكُمُ الله بِهِمْ بِقَوْلِهِ: (يُوصِيكُمُ الله فِي أَوْلاَدِكُمْ) [النِّسَاءِ: 11]. قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: وَقَدِ اسْتُنْبِطَ مِنْ هَذِهِ الآيَةِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرْحَمُ بِخَلْقِهِ مِنَ الْوَالِدَةِ بِوَلَدِهَا؛ حَيْثُ أَوْصَى الْوَالِدَيْنِ بِأَوْلاَدِهِمْ، فَعُلِمَ أَنَّهُ أَرْحَمُ بِهِمْ مِنْهُمْ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ عُمَرَ قَالَ: قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- سَبْيٌ، فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَ السَّبْيِ قَدْ تَحَلَّبَتْ ثَدْيَيْهَا، تَسْعَى إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْيِ أَخَذَتْهُ فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- لأَصْحَابِهِ: “أَتَرَوْنَ هَذِهِ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ وَهِيَ تَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ؟!”، قَالُوا: لاَ، يَا رَسُولَ الله. قَالَ: “فَوَالله: لَلَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا”، وَقَالَ عَبْدُ الله بْنُ عَمْرٍو عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَمَا عِنْدَ الله خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ) [آلِ عِمْرَانَ: 198]، قَالَ: إِنَّمَا سَمَّاهُمُ الله “الأَبْرَارَ”، لأَنَّهُمْ بَرُّوا الآبَاءَ وَالأَبْنَاءَ، كَمَا أَنَّ لِوَالِدَيْكَ عَلَيْكَ حَقًّا، كَذَلِكَ لِوَلَدِكَ عَلَيْكَ حَقٌّ.

إِخْوَتِي فِي الله: اتَّقُوا اللَّهَ فِي أَوْلاَدِكُمْ، وَلاَ تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ الله، فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَأْتِي بِرُّهُ وَخَيْرُهُ بَعْدَ مَمَاتِ وَالِدَيْهِ أَحْوَجُ مَا يَكُونُ الْوَالِدُ إِلَيْهِ؛ قَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: “إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلاِّ مِنْ ثَلاَثَةٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ”. [رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ].

عِبَادَ الله: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56]، فَأَكْثِرُوا عَلَيْهِ مِنَ الصَّلاةِ يُعْظِمْ لَكُمْ رَبُّكُمْ بِهَا أَجْرًا، فَقَدْ قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: “مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا”.

اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى عَبْدِكَ، وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ، صَاحِبِ الْوَجْهِ الأَنْوَرِ، وَالْجَبِينِ الأَزْهَرِ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَعَنِ التَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِمَنِّكَ وَكَرَمِكَ وَإِحْسَانِكَ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ، وَدَمِّرْ أَعْدَاءَكَ أَعْدَاءَ الدِّينِ، وَانْصُرْ عِبَادَكَ الْمُوَحِّدِينَ، وَاحْمِ حَوْزَةَ الدِّينِ، وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا وَسَائِرَ بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ.

اللَّهُمَّ وَفِّقْ وُلاَةَ أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُّهُ وَتَرْضَاهُ، اللَّهُمَّ خُذْ بِنَوَاصِيهِمْ إِلَى كُلِّ خَيْرٍ وَهُدًى، اللَّهُمَّ وَأَصْلِحْ قُلُوبَهُمْ وَأَعْمَالَهُمْ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.

حقوق الآباء على الأبناء إسلام ويب

إن الشريعة العظيمة لم توص الآباء بأبنائهم؛ لأنهم فُطروا على حبهم والسهر لراحتهم، ولا يوجد في الدنيا من يتمنى أن يكون إنسانُ آخر أفضل منه إلا الوالدان؛ فإنهم يتمنون لأبنائهم كل خير وفلاح.

ومن هنا كان تركيز الشريعة على تحريض الأبناء على البر والإحسان لآبائهم والأمهات، ولأهمية هذا الأمر فإن الله ربطه بعبادته التي هي أعظم مهمة للإنسان، بل هي الوظيفة التي لأجلها خلق الإنسان، قال تعالى: (( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ))[الذاريات:56]، وإذا تأمل الإنسان آيات القرآن فإنه يجد قوله تعالى: (( وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ))[الإسراء:23]، وقوله تعالى: (( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ))[النساء:36]، حتى قال ابن عباس: (لا يقبل الله عبادة من لا يطيع والديه)، فقيل له من أين؟ فقال: من هذا التلازم والارتباط في كتاب الله.
ولست أدري كيف لا يقدرون ظروفك وبحثك عن العمل؟ ولا أظن أن ذلك يمكن أن يحدث، وأرجو أن تحمل ما يصدر منهم على أحسن الوجوه، وتأكد أنهم يحبون لك كل الخير، ولكني أنصحك بالقبول بأي عملٍ شريف، ولا مانع من البحث عن الأفضل والأحسن، ولا يخفى عليك أن بعض الشباب يجلس سنوات يبحث عن عملٍ معين ولا يرضى بغيره، ومثل هذا التصرف يُزعج الآباء والأمهات الذين يرغبون في رؤية ثمرة جهدهم.
أما إذا سألت عن حق الولد على أبيه فهو أن يحسن اختيار أمه، وأن يحسن اسمه، وأن يعلّمه الكتاب، وأن يجتهد في النصح له والرعاية لمصالحه، وتوفير بيئة الإيمان.
أما حق الوالد فـ(لن يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه وعتقه)، ولا عجب فإن الوالدين هما أصحاب الفضل بعد الله سبحانه، وهما السبب في وجود الإنسان، وقد حملته أمه وهناً على وهن، واجتهد أبوه في تربيته وتعليمه والإحسان إليه، وأنت ومالك لأبيك)، فاحرص على الإحسان لوالديك والبر بهما والصبر عليهما، فإن الإنسان لا يجد أغلى من والديه، والسعيد من ينال رضاهما ويفوز بصالح دعائهما، فإن دعوتهما أقرب للإجابة، وبرهما من أهم أسباب النجاح في الدنيا والفلاح في الآخرة، كما أرجو أن تهتم بصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وعليك بأن تكرم صديقهما، وكن في عون الضعفاء ليكون في حاجتك رب الأرض والسماء.

وختاماً: نوصيك وأنفسنا بتقوى الله وطاعته، فإن ما عنده من توفيق لا يُنال إلا بطاعته سبحانه.

حقوق الأبناء وواجباتهم

تَفرِضُ النظمُ الاجتماعية على كلٍّ من الزوجين (النسق الوالدي) أمرَ العناية بتربية الأبناء، والعناية بكافة شؤونهم؛ حتى يشتدَّ عودُهم، وتكتمل مقومات حياتهم وشخصيتهم، ويستطيعوا الاعتماد على أنفسهم، والشرائع السماوية حدَّدتْ حقوقَ وواجباتِ الأبناء، وسنحاول في طيات السطور الآتية استعراض تلك الواجبات والحقوق.

أولاً: حقوق الأبناء:

تتفقُ الشرائع السماوية مع التشريعات الحديثة على وجوب العنايةِ بثمرات الحياة الزوجية منذ أن يكونوا أجنَّة في الأرحام؛ فيجب العناية بهم، والحرص عليهم، وفيما يلي أهم حقوق الأبناء على آبائهم:

1- حق الرضاعة:

يجب العناية بالأبناء، وإحسان استقبالهم بالأذان في آذانهم، واختيار أحسن الأسماء لهم، وتوفير الرضاعة لهم، وقد جعلها الإسلام من حقِّ الطفل على أسرته، قال – تعالى -: ﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [البقرة: 233]، وجاءتِ الآية جامعةً شاملةً، مقيدة هذا الحق بالمعروف، وقدر الاستطاعة، دون إضرار بأي من الوالدين.

2– حق الحضانة:

حدَّدت التشريعات المعاصرة – المنظمة لشؤون الأسرة – قواعدَ دقيقة في هذا الشأن؛ حيث أوجبتِ الحضانة على الأمِّ حتى إذا انفصلتْ عن زوجها، ويَلِيها في هذه الوظيفة جدَّة الطفل لأمه، ثم جدَّته لأبيه، وتستمر هذه الحضانة إلى سن السابعة إذا كان الطفل ذكرًا، وإلى سن التاسعة – وقد تمتد إلى الحادية عشرة – إذا كانت بنتًا.

وأكَّد الإسلام على حقِّ الحضانة للطفل؛ حيث جعلها الإسلام للأمِّ عند نزاعها مع زوجها ومفارقتها له؛ وذلك لكمال شفقة الأم، ويكون لأمهاتها القربى فالقربى إن لم توجد؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: ((أنتِ أحقُّ به ما لم تَنْكِحِي))؛ رواه أبو داود.

واشترط الإسلام فيمَن تقوم بهذه المسؤولية:

• أن تكون أمينةً على الطفل، عالمة بمصالحه.

• أن تكون متفرِّغة، فلا تكون متزوجة، ولا عاملة؛ بحيث لا ترعى شؤونه.

• أن تكون مسلِمة، فلا ينبغي أن يوضع الطفل المسلم تحت رعاية مَن لا يؤتمنون على دينه وخُلقه من الوثنيات والكتابيات.

3– حق التربية:

وهو حقٌّ كبير وعظيم، وهو من المسؤوليات التي سوف يسأل عنها الأبوان يوم الحساب؛ ففي الحديث: ((كلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤول عن رعيته))؛ متفق عليه.

وقد جاء الأطفال على الفطرة المستقيمة؛ قال – تعالى -: ﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الروم: 30].

وكلما كبر الطفل، زادتْ حقوقه؛ إذ يجب على أسرته أن تهيِّئ له وسائل النمو السليم، والتربية، والتعليم، والرعاية الصحية، إلى أن يصل مرحلة البلوغ، ومن ثم يستطيع أن يواجه أعباء الحياة معتمدًا على نفسه.

واجبات الأبناء:

وكما أن للأبناء حقوقًا، فإن عليهم واجبات؛ حيث إن الواجبات المفروضة على الأبناء تتمثَّل أو تسير في اتجاهين، هما:

أ- واجبات نحو الآباء.

ب- واجبات نحو الإخوة والأخوات.

أولاً: واجبات الأبناء نحو الآباء:

وهي تدور بين البر والطاعة؛ لأن ذلك ثمرةُ تقديرِ الجميل والجهد، والرعاية الطويلة التي حصل عليها الابن من أبويه، وخاصة أمه؛ حيث قال -تعالى-: ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ﴾ [لقمان: 14]، فلم يَقْرِن الله – سبحانه وتعالى – أحدًا بالشكر معه – وهو الخالق البارئ – غيرَ الأبوين؛ تقديرًا لجهدهما وجهادهما.

والبر له صور مادية، وأخرى معنوية:

فمن الصور المادية: تعهدُهما بالنفقة والرعاية إذا كانا في حاجة، وبالهدايا وتلبية المطالب المحبَّبة إلى نفوسهما إذا لم يكونا في حاجة.

ومن الصور المعنوية للبرِّ: تعليمُهما وإرشادهما إذا كانتْ فرصة التعليم قد فاتتْهما، ثم إعانتهما على أداء الحقوقِ الواجبة عليهما من أداء الفرائض، وسداد الديون، وصلة أرحامهما.

ومن البر المعنوي أيضًا أن يكونَ الابن صورةً كريمة للأخلاق الفاضلة، فيقر عين والديه، ويجلب لهما الدعوة الصالحة ممَّن يشاهدون أفعاله وأعماله، ويتأكَّد البر ويلزم عند بلوغ الأبوين سن الشيخوخة والكبر، ويقول الله -تعالى- في هذا الشأن: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴾ [الإسراء: 23- 24].

أما الطاعة، فهي تختلفُ حسبَ السنِّ؛ حيث ينبغي طاعتُهما في الصغر؛ لأنهما أعرفُ الناس بحاجته، وأقدر على وزن الأمور منه، وعند الكِبَر يَجِبُ تقدير رأيِهما، واستشارتهما، وطاعتهما في المعروف، وقد قرَّر القرآن الكريم ذلك حين أمر فقط بمخالفتهما في الشرك بالله، وما فيه معصية،قال -تعالى-: ﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [لقمان: 15].

حقوق الأبناء في الإسلام doc

حقوق الابناء في ضوء القرأن الكريم والسنة

حقوق الأب على أبنائه

إنّ من أهمّ حقوق الوالدين على أبنائهما، ما يلي:

 طاعة أوامرهما واجتناب معصيتهما: فإنّه من الواجب على الإنسان المسلم أن يطيع والديه، وأن يقوم بتقديم طاعتهما على طاعة أيّ كان من البشر، وذلك في حال لم يأمراه بأمر فيه معصية لله ورسوله – صلّى الله عليه وسلّم – إلا في حالة الزّوجة؛ فإنّها تقدّم على طاعة والديها طاعة زوجها.

  • الإحسان إليهما: وذلك عن طريق القول والفعل، وفي أوجه الإحسان المختلفة جميعها.
  • خفض الجناح: وذلك من خلال التذلل لهما، والتّواضع أمامهما، وطمأنتهما.
  • الابتعاد عن زجرهما: وذلك من خلال الكلام معهما بلين، والتلطف عند مخاطبتهما، والحذر من نهرهما، أو رفع الصّوت عليهما.
  • الإصغاء إليهما: وذلك عن طريق مقابلتهما ببشاشة عند تحدثهما، وعدم مقاطعة حديثهما، والحذر من اتهامهما بالكذب، أو ردّ حديثهما.
  • الفرح بأوامرهما: وعدم التضجّر والتأفف في وجههما، وذلك لقوله تعالى: (فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا) سورة الإسراء،23 .
  • التطلق لهما: وذلك من خلال مقابلتهما بالوجه البشوش والتّرحاب بهما، والابتعاد عن العبوس وتقطيب الجبين والحاجبين.
  • التودد لهما والتحبّب إليهما: مثل البدأ بالسلام عليهما، وتقبيل أيديهما ورأسيهما، والإفساح لهما في المجالس، وعدم الأكل من الطعام قبلهما، والمشي خلفهما في النّهار وأمامها في الليل، خاصّةً إذا كان الطريق مظلماً أو وعراً.
  • الجلوس أمامهما بكلّ أدب واحترام: وذلك من خلال الجلوس بجلسة مناسبة، والابتعاد عمّا يمكن أن يشعرهما بالإهانة بأيّ شكل من الأشكال، مثل مدّ الرّجلين، أو رفع الصّوت بالقهقهة في حضرتهما، أو الاضطجاع، أو التعرّي، أو عمل أيّ شيء من المنكرات أمامهما، أو غير هذه الأمور ممّا يُنافي كمال الأدب معهما.
  • تجنّب التمنّن عليهما: وذلك أنّ المنّة تهدم كلّ صنائع المعروف، وهي كذلك من مساوئ الأخلاق، وهي تزداد قبحاً عندما تكون في حقّ الوالدين.
  • تقديم حقّ الأم: فعلى المسلم أن يقدّم برّ الأم، والإحسان إليها، والعطف عليها، على برّ الأب والإحسان إليه، وذلك لما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: (جاء رجلٌ إلى رسولِ اللهِ – صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ – فقال: مَن أَحَقُّ الناسِ بحُسنِ صحابتي؟ قال: أمُّك، قال: ثمّ من؟ قال: ثمّ أمُّكَ، قال: ثمّ من؟ قال: ثمّ أمُّكَ، قال: ثمّ من؟ قال: ثمّ أبوك) رواه مسلم .
  • البعد عن إزعاجهما: سواءً أكانا نائمين، أو من خلال إزعاجهما عن طريق الجلبة ورفع الصّوت، أو إخبارهما الأخبار المحزنة، أو غير ذلك من أشكال الإزعاج.
  • تجنّب الشّجار أو إثارة الجدل أمامهما: وذلك من خلال الحرص على حلّ المشكلات العائليّة بعيداً عن أعينهما.
  • تلبية ندائهما بسرعة: سواءً أكان الإنسان مشغولاً أم غير مشغول، فإنّه من اللائق بالولد أن يجيب والديه في حال سماعه لندائهما.
  • إصلاح ذات البين إذا فسدت بين الوالدين: فإنّه يجدر بالأبناء أن يقوموا بذلك لإصلاح ذات البين إذا فسدت بين الوالدين، وأن يحرصوا على أن يقرّبوا وجهات النّظر بينهما في حال اختلفا.
  • الاستئذان في حال الدّخول عليهما: فربّما كانا في حالة لا يرغبان أن يراهما أحد عليها.
  • تذكيرهما بالله دائماً: وذلك من خلال تعليمهما كلّ ما يجهلانه من أمور الدّين، وأمرهما بعمل المعروف، ونهيهما عن عمل المنكر، ويجب أن يراعى أن يكون ذلك بمنتهى اللطف، والإشفاق، والشّفافية، والصّبر عليهما في حال لم يقبلا ذلك.
  • الاستئذان منهما، والاستنارة برأيهما: وذلك في كلّ أمور الحياة، مثل: الذّهاب مع الأصحاب في رحلة، أو السّفر إلى خارج البلاد للدراسة ونحوها، أو الذّهاب للجهاد، أو في حال الخروج من المنزل والسّكن خارجه، فإن أعطياه الإذن وإلا فإنّه يترك هذا الأمر، خاصّةً إذا كان رأيهما أصحّ، أو صدر عن علم أو إدراك.
  • الحفاظ على سمعتهما: وذلك من خلال الاختلاط بالصحبة الصّالحة، والابتعاد عمّا سوا ذلك، وتجنّب أماكن الشّبهات.

أثر أداء حقوق الأبناء والبر بالوالدين على الفرد والمجتمع

ومن هنا هل انتم من محبي البر وتتبع سنة رسوله فل نجتنب عقوق الوالدين

والذي يتمتل لاصحابه في أداء بمعنى الرجولة او شئ من هذا القبيل من قام به تحقق غاية طموح امام كل شخص عاق الذي يتضاهر بالرجولة وقوي العقوق بوالديه و  بوجود  ظاهر حقيقي والاكتر اشارة

 من هو يقصَّر فيه بالنظر متجانس معه كانه سر يعيش به ،من الواضح ستبقى

حياته فارغة من غير القصد وخاوية تحت كره الناس له والانسلال من جانبة الخ……… دون العلم لما ينتظره  .

-فل نتابع التعريف الاول له:

بِرُّ الوالدين أقصى درجات الإحسان إليهما. يتكون هذا اللفظ من شقين فانأخذ كل شق على حده

البِرُّ لغةً:- بِرُّ :- الخير .الجمع ، أبرار:

بِرُّ الوالدين (طاعة) الوالدين

البر بالوالدين معناه طاعتهما وإظهار الحب والاحترام لهما ، ومساعدتها وهو الإحسان إليهما، وطاعتهما، وفعل الخيرات لهما، وقد جعل الله للوالدين منزلة عظيمة لا تعادلها منزلة، فجعل برهما والإحسان إليهما والعمل على رضاهما فرض عظيم، بكل وسيلة ممكنة بالجهد والمال ، والحديث معهما بكل أدب وتقدير ، والإنصات إليهما عندما يتحدثان ، وعدم التضجر وإظهار الضيق منهما وقد دعا الإسلام إلى البر بالوالدين والإحسان إليهما وذكره بعد الأمر بعبادة الله تعالى .

    قال ذو النون ثلاثة من أعلام البر : بر الوالدين بحسن الطاعة لهما ولين الجناح وبذل المال ، وبر الولد بحسن التأديب لهم والدلالة على الخير ، وبر جميع الناس بطلاقة الوجه وحسن المعاشرة  ، وطلبت أم مسعر ليلة من مسعر ماء فقام فجاء بالكوز فصادفها وقد نامت فقام على رجليه بيده الكوز إلى أن أصبحت فسقاها وعن محمد ابن المنكدر قال : بت أغمز ( المراد بالغمز ما يسمى الآن بالتكبيس ) رجلي أمي وبات عمي يصلي ليلته فما سرني ليلته بليلتي ، ورأى أبو هريرة رجلا يمشي خلف رجل فقال من هذا ؟ قال أبي قال : لا تدعه باسمه ولا تجلس قبله ولا تمش أمامه.

لكن هذا غير كاف نرى اننا اخدنا معلومة عن هذا الذي اصبحنا نرى الان عقوقا للوالدين عدم الانتباه الى المستقبل والقسوة والعراك 

في المجالات وفي مجتمع ايضا 

اخي انتظر نقف هنا مع بعض الادلة

في سورةالإسراء وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا  

في سورة النساء وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ  بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا  

فيسورة لقمان وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ  

في سورة الأحقاف وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنْ الْمُسْلِمِينَ  

في سورة العنكبوت وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ

 

السابق
كيف يتم اختيار الزوج
التالي
بحث عن حقوق الوالدين

اترك تعليقاً