الزواج والحب والأسرة

سر نجاح الحياة الزوجية

سر نجاح العلاقة الزوجية في الإسلام

الحقيقة الأولى: الله بين الزوجين في العلاقات الزوجية الإسلامية:

باديء ذي بدء أهم فكرة في العلاقات الزوجية الإسلامية أن الله بين الزوجين، بمعنى أن الزوج المؤمن يعامل زوجته من خلال الله، ومن خلال الخوف منه، ومن خلال رجاء رحمته ومن خلال تطبيق منهجه، يخافه ويرجو رحمته ويطبق منهجه، الزوج المؤمن يغفر سلبيات زوجته ويتقرب إلى الله بخدمتها، والزوجة المؤمنة تغفر سلبيات زوجها وتتقرب إلى الله بخدمته، فإذا كان الله بين الزوجين سعد الزوجان.
العلاقات الأخرى في مجتمع شارد عن الله بعيد، العلاقة مباشرة الأقوى يسحق الآخر، ما دام هناك نفع من الزواج فالزواج قائم، فإذا انقطع النفع سقط الزواج، فرق كبير كبير بين زواج إسلامي مبني على أن كل طرف يعامل الطرف الآخر من خلال معرفته بالله، من خلال تطبيق منهجه، من خلال طلب جنته، من خلال الخوف من ناره، أما الطرف الآخر مبني على علاقة مباشرة، بل إن بعض المنظرين يقول الحضارة الإسلامية كلها مبنية على أن الله بين كل علاقتين.
والحضارة الأخرى مبنية على علاقة مباشرة فالقوي يأكل الضعيف والأعلى يسحق الأسفل، هذه حقيقة.

الحقيقة الثانية: هناك مرجعية في العلاقات الزوجية الإسلامية:

وهذه المرجعية تلغي الغالب والمغلوب، كتاب الله وسنة رسوله بين الزوجين فإذا تنازعا في شيء ردوه إلى الله ورسوله، إذا كان هناك تشريع من قبل الله عز وجل، هذا التشريع هو مرجع وهذا التشريع يلغي الغلبة، لا يوجد أحد غالب هذا أمر الله عز وجل، فلذلك الإنسان في ظل هذا النظام الإلهي يسعد بزوجته لأن الله له أمر وله نهي، فإذا طبقنا أمر الله عز وجل ليس هناك إنسان غُلب وإنسان غَلب، هذه الحقيقة الثانية.
المؤمن له مرجع، وأساساً المسلم حينما يطبق منهج ربه سبحانه وتعالى يشعر أنه في ظل الله، يشعر أن الله سبحانه وتعالى معه، يشعر أن الله متجلي عليه بالبركات والأنوار والخيرات والتوفيق والدعم من الله.

الحقيقة الثالثة: الله يتولى إنجاح الزواج في حال بُنيى على طاعة الله:

أنه ما من زواج يبنى على طاعة الله في الجزئيات ولو افتقر إلى مقومات النجاح إلا ويتولى الله في عليائه التوفيق بين الزوجين، وما من زواج يبنى على معصية الله ولو توافرت له كل أسباب النجاح إلا ويتولى الله التفريق بينهما.
يجب أن تبنى جزئيات العلاقات الزوجية، جزئيات الحياة الزوجية على طاعة الله عز جل وذكرت هذا كثيراً أن كل إنسان يشعر أنه يطبق تعليمات الخبير يقطف الثمار يانعة، أضيف إلى هذه الأسس في العلاقة الزوجية المرجعية، الله بين الزوجين، بناء تفصيلات الزواج على منهج الله عز وجل.

الحقيقة الرابعة: كل من الزوج والزوجة هي ملء لعالم الآخر:

قال تعالى:

(قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ)

[سورة النور]

معنى ذلك أن هذه الآية الكريمة التي احتلت مساحة من كتاب الله الذي يتلى إلى يوم القيامة لولا أنها تشير إلى أخطر حقيقة في السعادة الزوجية لما ذكرت.
ما الذي يميز العلاقة الزوجية الإسلامية؟ أن الزوج المؤمن يقصر طرفه على زوجته فهي ملء عالمه، والزوجة المؤمنة تقصر طرفها على زوجها فهو ملء عالمها، فهينما تنفرد الزوجة من بين النساء بملء عالم الرجل، وحينما ينفرد الرجل من بين الرجال بملء عالم المرأة يكون الوفاق بينهما.
أما إذا تطلعت إلى غيره وتطلع إلى غيرها، والإنسان بعقله الباطن يوازن، هو يوازن وهي توازن وصار شرخ في العلاقات الزوجية، هذا معنى قول الله عز وجل:

(قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ)

[سورة النور]

ومن غض بصره عن محارم الله أورثه الله حلاوة في قلبه إلى يوم يلقاه ومن ملء عينيه من الحرام ملأهما الله من جمر جهنم.
في بعض الجهات التي تعمل في مكافحة الجرائم، عندها مقولة ابحث عن المرأة في كل جريمة، أنا عدلتها ابحث عن المعصية في كل مشكلة.

أركان العلاقة الزوجية

1- لكل زوجين حالة تختلف عن الاخرين
تعد المقارنات بين الأفلام والحقيقة أو بين الأزواج وبضعهم هي أول طريق لفشل العلاقة الحميمة بين الزوجين، حيث أن لكل زوجين حالة تختلف عن الاخرين، ويجب أن يقوم كل منهما بأفعال تلقائية دون محاولة تقليد الأفلام أو الأصدقاء.

كما أن المقارنة يمكن أن تصيب أحد الشريكين بالإحباط، فيما يتعلق بالقدرات الجنسية أو مدة الجماع أو الطريقة المتبعة في ممارسة العلاقة الحميمة وغيرها من الأمور.
2- لا يشترط حدوث الحمل من أول لقاء جنسي
تعتمد فرص الحمل على العديد من العوامل، مثل توقيت التبويض لدى المرأة ومدى استعداد جدار الرحم للتخصيب وجودة الحيوانات المنوية وغيرها من الأمور، ولذلك لا يجب توقع حدوث الحمل بعد أول لقاء جنسي بين الزوجين.

ولتعزيز فرص الحمل، ينصح بمعرفة موعد التبويض، وكذلك المواظبة على ممارسة العلاقة الحميمة كل يومين وليس كل يوم.

3- الجنس يخفض مستويات التوتر والقلق
تساعد الممارسة الجنسية في تخفيض مستويات التوتر لدى كل من الزوجين، وذلك لأنه يزيد من مستويات هرمونات السعادة والشعور بالرضا، ولذلك ينصح بالإنتظام في ممارسة الجنس لتخفيف التوتر الناتج عن العمل والأمور الحياتية المختلفة.

4- الصحة الجنسية مؤشر للصحة الجيدة
عند ممارسة الجنس، تعمل العديد من أجزاء الجسم مثل القلب والأوعية الدموية والأجهزة التناسلية والعظام والعضلات، وبالتالي فإن نجاح الممارسة الجنسية يعتبر مؤشر للتمتع بصحة جيدة وعدم الإصابة بالعديد من الأمراض.

5- ضعف الإنتصاب لا يعني وجود مشكلة جنسية
يمكن أن تؤثر بعض العوامل على انتصاب الرجل، مثل الضغط والإجهاد النفسي وقلة النوم وغيرها من الأمور.

وبالتالي تسبب هذه الأمور صعوبة انتصاب القضيب في بعض الأحيان، وهذا لا يعني أن الرجل مصاب بمشكلة جنسية تستدعي القلق إلا في حالة استمرار المشكلة وتكررها.

6- يمكن الشعور بانخفاض الرغبة في بعض الأحيان
في حالة شعور أحد الطرفين بعدم الرغبة في ممارسة العلاقة الحميمة بعض الأحيان، فهذا لا يعني وجود مشكلة جنسية، بل يمكن أن تسبب التغيرات الهرمونية المؤقتة تغييراً في مستويات الرغبة بشكل مؤقت، مثل الفترة التي تسبق الدورة الشهرية أو خلال الحمل.

كما أن الرجل يمكن أن يصاب بنفس المشكلة في بعض الأحيان، ويجب أن تقوم زوجته بدعمه حتى يتجاوز المشكلات التي تسبب انخفاض الرغبة الجنسية.

7- ممارسة الجنس بانتظام تحسن وظائف المناعة بالجسم
أثناء ممارسة الجنس، يقوم الجسم بإنتاج أجسام مضادة تسمى الغلوبولين المناعي A. وهذا يساعد في مكافحة الأمراض الشائعة مثل الحمى ونزلات البرد، وهو أمر ضروري للحفاظ على الصحة والوقاية من الأمراض المختلفة.

نصائح لنجاح العلاقة الزوجية

  • لاعتراف بالخطأ و الاعتذار
  • عدم التمسك بالرأي وعدم العناد
  • حفظ الأسرار بينكما
  • تخصيص وقت
  • الحوار والنقاش
  • تقبل الطرف الآخر
  • التنازل في بعض الأمور

ما سر نجاح العلاقات الزوجية لاجدادنا

التقدير والاحترام:

بالرغم من أن الزوجين تربطهما علاقة شخصية جدًا مما يدفعهما إلى التخلي أحيانًا عن الالتزام بدرجة خاصة من احترام الآخر وتقديره؛ إلا أن الزواج في الماضي كان قائمًا بشكل أساسي على الاحترام… فكان الزوج يُقدر زوجته ويحرص على مشاعرها ويهتم لإسعادها حتى وإن وجد تقصيرًا منها؛ إيمانًا منه بأن واجبه نحوها أن يفعل ذلك بل وأكثر… وكانت الزوجة حتى وإن لم تجد الحب من زوجها فإنها تظل متمسكة بحقها في إنجاح زواجها؛ فهي تعرف بشكل أو بآخر أنها قادرة على إنجاح هذا الزواج بمزيد من التقدير والاهتمام والحب لزوجها… كانت الأزمات المالية بالنسبة لهم اختبار حقيقي يبرهن على حب كل طرف للآخر ومساندته له ونادرًا ما ينفصل زوجين بسبب الأمور المالية وإن حدث فإن هذا الانفصال يجد كثيرًا من الاستهجان والاستنكار من جميع المحيطين! فهم لم يعتادوا على تصرف غير كريم كهذا

التصرف بحكمة:

من الطبيعي أن يثور أي زوج لكرامته لو عرف أن مشاعر زوجته لا تميل له أو أن قلبها يميل لشخص آخر غيره؛ ومن الطبيعي أيضًا أن تنهار الزوجة لو عرفت أن زوجها على علاقة بامرأة أخرى؛ أو أن قلبه يميل لغيرها حتى لو لم يصرح لها بذلك بوضوح.
الشاهد هنا أن الزوجين في مثل هذه الحالات ينحون المشاعر السلبية جانبًا؛ فالرجل إما أن يحاول جاهدًا تغيير مشاعر زوجته لتنصب في صالحه في الآخر… أو ينفصل عنها بهدوء وبدون إبداء سبب الانفصال لأي من المحيطين بهما ويكتفي بعبارة “لم نتفق”؛ بينما الزوجة في حالة علمها بعواطف زوجها التي مالت لامرأة أخرى فهي تستغل ذكائها بحكمة ووعي وبحسن تصرف حتى تحافظ على نجاح هذا الزواج وتمنع انهياره… فتبدأ في لفت انتباه زوجها من جديد دون مواجهته بما تشعر به تجاه خيانته لها…

 

الاحتكام للخبرة:

اعتادت الأجيال السابقة في علاقة الزواج أن تعتمد بشكل أساسي على خبرتها في حل المشاكل التي قد تعصف بزواجهما وإن أفلست حيلهم احتكوا للخبرة فاختاروا شخصًا ذا خبرة من أهلها وشخصًا ذا خبرة وحكمة من أهله وحكماهما في مشاكلهما التي يمكنهما اعلانها دون حرج… وفي الغالب فإن الزوجين يتمكنا من الوصول إلى حل مرضي يدعم الزواج ويحافظ على نجاحه.

إذًا في الماضي كانت الأمور تمشي بشكل أكثر سلاسة خصوصًا فيما يتعلق بأمور الزواج؛ وكان من النادر جدًا إيجاد حالات طلاق كما يحدث في الوقت الحاضر؛ لحرص السلف على الاستقرار وخوفهم من تفكك الأسرة وقدرتهم على احتواء أزواجهم وتفهمهم مواقفهم ورغبتهم الصادقة في إنجاح زواجهم مهما كلف الأمر.

أما الآن فأصبح من الصعب أن تجد شريكًا يناسبك بكل ما تعنيه الكلمة؛ فأغلب حالات الطلاق تحدث بسبب عدم التوافق وعدم التفهم والاحتواء بسبب الاختلاف الرهيب بين الزوجين وبسبب عدم انسجامهما عاطفيًا أو فكريًا؛ وذلك ما نحاول أن نجنبك إياه على موقع الخطابة للزواج والتعارف حينما وضعنا أسس علمية ترشح لك الزوج/الزوجة الأنسب بناءًا على اختبارات معينة يتم إجرائها لكل من الزوجين قبل التعارف…

 

أساس العلاقة الزوجية الناجحة

  • المشاركة سر القرب من الشريك
  • الحديث هو الطريقة الأفضل دائمًا
  • لإنصات = اهتمام
  • التغاضي مهم أحيانًا
  • التعبير عن التقدير
  • الاحترام المتبادل
  • الصبر والتفهم
  • التجديد لمواجهة الملل

الحياة الزوجية الناجحة في الإسلام

الأساس الأول: توافر أركان الزواج وشروطه:

وهي الأعمدة التي تلبي ضرورات الحياة الزوجية ولا قيام للعلاقة إلا بها، ومظانها كتب الفقه، وأذكرها باختصار، فأركان عقد النكاح ثلاثة، هي:

الركن الأول: وجود الزوجين الخاليين من الموانع التي تمنع صحة النكاح.

الركن الثاني: حصول الإيجاب، وهو اللفظ الصادر من الولي أو من يقوم مقامه، بأن يقول للزوج: زوجتك فلانة أو أنكحتكها.

الركن الثالث: حصول القبول، وهو اللفظ الصادر من الزوج أو من يقوم مقامه، بأن يقول: قبلت هذا النكاح أو التزويج.

وأما شروط صحة النكاح فهي أربعة:

1) تعيين كل من الزوجين.

2) رضى كل من الزوجين بالآخر فلا يصح الإكراه.

3) أن يعقد على المرأة وليها.

4) الشهادة على عقد النكاح[1].

الأساس الثاني: قيام العلاقة الزوجية على محبة الله تعالى وطاعته:

إن اجتماع الزوجين على ما يرضي الله تعالى هو أعظم أساس لبناء السعادة في الأسرة المسلمة، فالله وحده تعالى هو الذي يؤلف بين القلوب ويجمع بينها، وطاعته لها أثر كبير في سيادة الألفة والمحبة والتوافق بين الزوجين، والتأمل في الصورة الرائعة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم تبين حلاوة هذه العلاقة: “رحم الله رجلا قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فصلت فإن أبت رش في وجهها الماء، رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فصلى فإن أبى رشت في وجهه الماء “[2]، كما حث صلى الله عليه وسلم على اتخاذ الزوجة الصالحة التي تتعاون مع زوجها على البر والخير في قوله: ” ليتخذ أحدكم قلبا شاكرا، ولسانا ذاكرا، وزوجة مؤمنة تعين أحدكم على أمر الآخرة” [3]، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم يؤكد على أهمية بدء الحياة الزوجية بطلب التوفيق والسعادة من الله بالدعاء الذي علمه لمن أراد الدخول على أهله: “اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جبلت عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلت عليه”[4].

الأساس الثالث: العشرة بالمعروف:

لقد أمر الله عز وجل الزوج بحسن العشرة، قال تعالى: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ.. ﴾ [النساء 19]، وكرم الأخلاق والاحترام والتقدير المتبادل بين الزوجين أمر مهم لنجاح هذه العلاقة ” فالحياة الزوجية من المنظور الإسلامي مبناها التكارم والتذمم ومكارم الأخلاق، أو كما قال الفقهاء: الحياة الزوجية مبناها المكارمة لا المكايسة، بمعنى أن يكون كل واحد من الزوجين – في حالة الوفاق وفي حالة الخلاف على السواء – غاية في كرم النفس، ونداوة الطبع، وفي غاية البعد عن الشح والأنانية، ومتى كان الزوجان بهذه المثابة من صفاء النفس ويقظة الضمير، كان مآلهما إلى الوفاق وحسن المآل في كل حال”[5].

وقاعدة العشرة بالمعروف تقوم على ركنين هما: حسن الخلق، والرفق، اللذان يزينان كل أمر كانا فيه، ويشينان كل أمر نزعا منه، وقد تسوء معاملة الزوج لزوجته نتيجة موروثات فكرية خاطئة تقضي بأن على الرجل أن يفرض شخصيته القاسية على زوجته منذ يوم زواجهما الأول، مع الفهم المغلوط لمعنى القوامة وتغليفها بالقسوة، وقد أشارت إحدى الدراسات الخليجية إلى أن سوء المعاملة بين الزوجين كان سببا أساسيا في 79% من حالات الطلاق[6]، والباحثة ترى أن سبب ذلك هو البعد عن الهدي النبوي في التعامل الزوجي.

الأساس الرابع: تحمل المسؤولية من كلا الطرفين:

لا يستقيم بناء العلاقة الزوجية إلا بتأدية الحقوق الواجبة – معنوية كانت أو مادية – لكل طرف على الآخر، وتحمل كل منهما مسؤوليته المناطة به في كيان الأسرة، ذلك أن المسؤولية مقسمة وموزعة في الحياة الزوجية على كل من الزوجين بما يتلاءم مع طبيعته وخلقته، قال صلى الله عليه وسلم: “كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، الأمير راع والرجل راع على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده، فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته”[7]، وجمال الخطاب النبوي يتجلى بوضوح في هذا الحديث، كما بيّن الإمام الطيبي، حيث قال: ” في هذا الحديث أنّ الراعي ليس مطلوباً لذاته، وإنما أقيم لحفظ ما استرعاه المالك، فينبغي أن لا يتصرف إلا بما أذن الشارع فيه، وهو تمثيل ليس في الباب ألطف ولا أجمع ولا أبلغ منه، فإنه أجمل أولاً ثم فصّل وأتى بحرف التنبيه مكرراً… والفاء في قوله ” فكلكم ” جواب شرط محذوف، وختم بما يشبه الفذلكة، إشارة إلى استيفاء التفصيل”[8].

والعلاقة الزوجية علاقة تعاون بين الزوجين، حيث تقع عليهما مسؤولية حفظ هذا البناء كمسؤولية مشتركة بينهما، ” وبوجه عام يزداد التوافق إذا كان لدى الزوجين القدرة على أن يقوم كل منهما بواجبه ومسؤولياته تجاه الآخر، وتجاه الأبناء والأسرة بوجه عام، وكذلك إذا كان لدى الطرفين القدرة على التعامل مع المشكلات الداخلية والخارجية بكفاءة وإيجابية في اتجاه الحل والمواجهة دون إخلال بدوره أو تفريط في مسؤوليته”[9]، رغم أن الملاحظ في واقعنا المعاصر جهل الكثير من الأزواج والزوجات بحقوق الآخر مع تشدده في المطالبة بحقوقه هو، وهذا من الأسباب الرئيسة لانفصام هذه العلاقة، فكم من الأزواج من يحتل شريك حياته ذيل قائمة الاهتمامات لديه بعد الوظيفة والأهل والأصدقاء والرغبات الخاصة.

ومن المسؤوليات الرئيسة التي تحيط بالعلاقة الزوجية مسؤولية القوامة، وهي المرتبة التي امتاز بها الرجل عن المرأة قال تعالى: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ.. ﴾ [النساء: 34]، وهذه الدرجة لا تقتضي تفضيلا في المعدن أو المكانة عند الله من أجل الرجولة أو الفحولة، بل العبرة في التفاضل التقوى وصلاح العمل، والحكمة من تفضيل الرجال على النساء أن تستقيم أمور الحياة بأن يقوم كل منهما بما عليه مما يتناسب مع خصائصه وقدراته، وهذا التقسيم العادل لأعمال ومهمات كل واحد من الزوجين يبطل دعوى المساواة بين الجنسين، والتي يرددها كثير ممن فتنوا بتيارات الحضارة المادية المعاصرة[10].

الأساس الخامس: المحافظة على أسرار الحياة الزوجية:

من أهم أسس المحافظة على العلاقة الزوجية مراعاة خصوصياتها وعدم إفشاء أسرارها، فليس كل ما يدور بين الزوجين قابلا لأن يذاع على الأهل والجيران والأصدقاء، وهذا يشمل العلاقة الزوجية الخاصة والمعاشرة بين الزوجين، حيث بين النبي صلى الله عليه وسلم سوء من يفعل ذلك بقوله: ” إن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة: الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه، ثم ينشر سرها”[11]، فكم تهدمت أسر حين فوجئ الزوج بأن الجيران يعرفون أدق أسرار حياته ويتناقلونها بينهم، وكم طلبت الزوجة الطلاق عندما علمت أن ما تستره عن أعين الناس قد بات مكشوفا أمام أصدقاء زوجها يتسامرون به في سهراتهم.

كما أن خصوصية العلاقة الزوجية تتطلب حفظ ما يطرأ على الزوجين من المشكلات وعدم إذاعتها بين الناس، وذلك أدعى إلى حلها وإزالة ظلالها القاتمة، وكم من المشكلات الأسرية التي تجاوزت أسوار العلاقة الزوجية شعر صاحبها أنه يمشي مكشوفا مهتوك الستر أمام الناس فكانت أنكى في الجرح، وأعصى على الحل، لأن الزوجين اللذين ينشران أسرارهما ويخرجونها للآخرين كمن يسكن بيتا من زجاج والناس يرون ما به ويرون أعمال ساكنيه.

الأساس السادس: العدل:

يعد العدل أحد أسس الحياة الزوجية المهمة، لأنه يقوي بناء الأسرة، ويحقق صفاء القلوب وتآلف النفوس، ويؤدي إلى التوازن في النظر إلى إيجابيات شريك الحياة وفي سلبياته، كما وجه النبي صلى الله عليه وسلم لذلك بقوله: ” لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر”[12]، ومنه الاعتراف بفضل العشير وشكره والثناء عليه وتقدير ما يقدمه وتكرار ذلك لطيب أثره على العلاقة الزوجية، كما ضرب لنا صلى الله عليه وسلم أكمل المثل في العدل بذكر الحسنات حتى بعد الموت، بوفائه لذكرى أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها، حتى غارت عائشة رضي الله عنها من ذكره لها فتقول: ” ما غرت على امرأة لرسول الله صلى الله عليه وسلم كما غرت على خديجة لكثرة ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها وثنائه عليها”[13].

ومن العدل المطلوب في العلاقات الزوجية العدل عند تعدد الزوجات، وقد تميز الهدي النبوي بالمثل الإنساني العالي في هذا العدل في العديد من المواقف التي حفظتها لنا سيرته الطاهرة، كما أن من صور العدل المؤثرة على صفاء العلاقة الزوجية العدل في إعطاء الحقوق لأصحابها، فللزوج حق وللوالدين حق وللأبناء حق ولذوي الأرحام حق، وعلى الزوجين إعطاء كل ذي حق حقه.

الأساس السابع: اختيار الأكفاء من الأزواج:

عندما يشب الفتى والفتاة ويصبحان في سن الزواج، وتتطلع أنفسهما لذلك، تعتريهما أصناف من الحيرة، وتنتهبهما أفكار عديدة تحمل الخوف والأمل لتحديد مواصفات شريك الحياة المناسب، فكل طرف في العلاقة المرتقبة قد نشأ وعاش في ظروف قد تكون متباينة تماما عن ظروف الآخر، ويتصف أحدهما بخصائص وسمات مختلفة غاية الاختلاف عن خصائص وسمات الآخر، ولكل منهما تكوينه النفسي والثقافي الفريد، وبالرغم من ذلك فلا ضير ولا خوف من زواج شخصين بينهما هذا الاختلاف، فالفروق الفردية تعد من الأشياء الطبيعية في الكيان الإنساني، والزواج ليس نهاية المطاف، بل هو بداية طريق جديدة، وعلاقة متينة تنجح- بعد توفيق الله- إذا تم الاختيار وفق أسس سليمة وواقعية دون غش أو تزوير أو خداع، وقد وجه الشرع الحكيم إلى أهم عنصر في الاختيار، وهو الدين في قوله صلى الله عليه وسلم عن صفات المرأة: ” تنكح المرأة لأربع: لجمالها وحسبها ولمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك”[14]، كما بين أن الدين والخلق هي أهم صفات الرجل، بقوله: ” إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه”[15]، قال الحافظ ابن القيم في زاد المعاد: ” فالذي يقتضيه حكمه صلى الله عليه وسلم اعتبار الدين في الكفاءة أصلا وكمالا، فلا تزوج مسلمة بكافر، ولا عفيفة بفاجر، ولم يعتبر القرآن والسنة في الكفاءة أمرا وراء ذلك، فإنه حرم على المسلمة نكاح الزاني الخبيث، ولم يعتبر نسبا ولا صناعة، ولا غنى ولا حرية، فجوز للعبد القن نكاح الحرة النسيبة الغنية إذا كان عفيفا مسلما، وجوّز لغير القرشيين نكاح القرشيات، ولغير الهاشميين نكاح الهاشميات، وللفقراء نكاح الموسرات”[16].

وكذلك إرشاده ومشورته لفاطمة بنت قيس رضي الله عنها لما استشارته وقد تقدم لخطبتها معاوية بن أبي سفيان وأبو جهم رضي الله عنهم، فقال لها: ” أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، انكحي أسامة بن زيد” فكرهته، ثم قال: ” انكحي أسامة” فنكحته، فجعل الله فيه خيرا واغتبطت” [17]، قال الإمام النووي رحمه الله: ” وأما إشارته صلى الله عليه وسلم بنكاح أسامة فلما علمه من دينه وفضله وحسن طرائقه وكرم شمائله فنصحها بذلك، فكرهته لكونه مولى، وقد كان أسود جداً، فكرر عليها النبي صلى الله عليه وسلم الحث على زواجه لما علم من مصلحتها في ذلك وكان كذلك”[18]

عوامل نجاح الزواج

  • تحديد الهدف من الزواج يجب على الزوجين عند زواجهما تحديد الهدف منه، بمعنى ان يتفقا على أن الهدف من زواجهما ليس فقط تكوين اسرة وانجاب الاطفال والزواج لمجرد الزواج، انما يجب عليهما أن يتفقا على هدف آخر وهو نجاح الحياة الزوجية واستمرارها …
  • التفاهم والانسجام
  • تقدير الطرف الآخر
  • الصدق
  • الثقة
  • الاحترام
  • الاهتمام

أسباب استقرار الحياة الزوجية

ليس من السهل إنشاء علاقة ناجحة ودائمة، إذ أنّ معظم الأشخاص يتوقعون أن يتقاسموا الحياة بعد الزواج معًا، ولكن في الواقع، من المتوقع أن ينتهي 40% إلى 50% من تلك الزيجات بالطلاق، وعلاوةً على ذلك، فإن الزواج المستقر ليس بالضرورة زواجًا سعيدًا، فبعض الأفراد يختارون الاستمرار في علاقات غير مرضية لأسباب مختلفة (مثل الأطفال أو الأسباب المالية أو الدين)، فالسؤال إذن ليس حول تحقيق استقرار العلاقة فقط، بل هو أيضًا حول جودة هذه العلاقة، فكيف يخلق شخصان علاقة متبادلة سعيدة ويحافظان عليها مستقرة، وما هي أسرار الحياة الزوجية الناجحة؟، فيما يأتي بعض هذه الأسرار والنقاط التي يمكن أن تساعد في بناء علاقة زوجية ناجحة سعيدة مستقرة

  • قضاء وقت طويل مع الشريك بعيدًا عن الالتزامات المرهقة والعمل، ومحاولة تصفية الذهن وتفريغ الوقت للشريك فقط.
  • الالتزام هو المؤشر الأول على إشباع العلاقة، خاصة في العلاقات طويلة الأمد.
  • المرح، من المؤكد أن حياة البالغين تميل إلى التأكيد على الإنتاجية والجدية، ولكن في بعض الأحيان يلزم العلاقة شيئًا من المرح وقضاء الوقت الممتع.
  • العمل على إنجاح العلاقة الزوجية من قبل الطرفين، وذلك بمراعاة متطلبات الطرف الآخر المنطقية وتوفير الاستقرار المطلوب.

 

 

 

السابق
الفرق بين البدكير والمنكير
التالي
حمزة بن عبد المطلب (اسد الله و اسد رسوله)

اترك تعليقاً