ديني

ما المقصود بالعصبية القبلية .. وموقف الإسلام منها

ما المقصود بالعصبية القبلية .. وموقف الإسلام منها

ما المقصود بالعصبية القبلية سؤال من الأسئلة التي تكثر في هذا الزمن بغية الوصول إلى تعريف صريح للعصبية القبلية، فمصطلح العصبية القبلية مصطلح ورد بكثيرة في التراث العربي وخاصَّة في العصر الجاهلي، كما أن مدلولات هذا المصطلح وردت كثيرًا في قصائد الجاهليين وأشعارهم وخطبهم ووصاياهم ورسائلهم أيضًا، وفي هذا المقال ستتمُّ الإجابة عن السؤال القائل ما المقصود بالعصبية القبلية وسيتمُّ الحديث عن موقف الإسلام منها.[1]

ما المقصود بالعصبية القبلية

العصبية القبلية أو ما يُعرف بالعنصرية القَبلية أو العشائرية، هو مصطلح عربي قديم يشير بمفهومه العام إلى موالاة الفرد بكل ما يملك من قوَّة وعقلية وفكر ورأي لقبيلته أو عشيرته التي ولد فيها وعاش فيها وتربَّى على عاداتها، فيكون ناصرًا لها ظالمة كانت أو مظلومة، والعصبية القبلية هي نوع من أنواع العصبيات التي تندرج تحت ما يُعرف باسم السلوك الإنساني، وهي شبيهة لما يُسمَّى العصبية الطائفية أو المذهبية أو الدينية وغيرها.[2]

ويمكن القول في تعريف العصبية القبلية أنَّها أن يدعو الرجل جماعته من الناس وخاصَّته لمناصرته والاجتماع لنصرته، وهي نوع من أنواع الغيرة على القربى وذوي الرحم، وهي من فطرة الإنسان السليمة بشكل عام، ولكنَّها قد تصبح سلبية في المجتمعات التي لا يحكمها القانون والتي لا تقوم على العدل بين الناس، لأنَّها ستكون سببًا صريحًا من أسباب الظلم والاعتداء على الضعفاء والمسحوقين، وهذا ما كان في العصر الجاهلي، والله تعالى أعلم.[1]

العصبية القبيلة في الجاهلية

لقد كان المجتمع الجاهلي مجتمعًا قائمًا على العصبية القبلية بامتياز، فالعرب كانوا مجموعة من القبائل المتفرقة التي تتنقل بين البوادي والحضر، وكانت تحكمهم العادات والتقاليد، وكانت هذه العادات تختلف بين قبيلة وأخرى اختلافًا فرعيًا لا جوهريًا، فثمَّة اتفاق بين العرب على مجموعة من العادات التي لا تختلف بين قبيلة وأخرى، هذا النمط من الحياة أدَّى إلى نشوء العصبية القبلية بشكل واضح، وقد ظهرت في الشعر الجاهلي وفي النثر الجاهلي أيضًا من خطب ووصايا ورسائل وسجع، فكان الرجل في قبيلته يتعصب لأسرته وأهله، ويتعصب لقبيلته دون باقي القبائل، ويتعصَّب أيضًا للقبائل التي تجتمع مع قبيلته بأب واحد، وكانت العصبية أيضًا للقبائل التي تربط بينها مصاهرة أو دم أو تحالف أو غير ذلك.[2]

موقف الإسلام من العصبية القبلية

عندما جاء الإسلام قضى على كلِّ مظاهر التعصب القبلي التي كانت تظهر في الجاهلية، ونهى عنها نهيًا قطعيًا، وسمح بالتعصب لرابطة الدين والعقيدة الإسلامية، ودليل ذلك قول الرسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- في الحديث الشريف: “مَن قُتِلَ تَحْتَ رايَةٍ عِمِّيَّةٍ، يَدْعُو عَصَبِيَّةً، أوْ يَنْصُرُ عَصَبِيَّةً، فقِتْلَةٌ جاهِلِيَّةٌ”[3] وقد أقرَّ الإسلام شيئًا واحدًا ورابطة واحدة بين الناس هي رابطة الدين ورابطة الأخوة في الدين الإسلامي، والتفاضل بين الناس لا يكون إلَّا بالتَّقوى، ولا يكون بالعرق ولا بالجنس ولا بالنسب ولا بالقبيلة ولا بغير ذلك.

قال تعالى في القرآن الكريم: “إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ”[4] وقال تعالى أيضًا: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ”[5] وهذه الآيات تدلُّ على أنَّ الإسلام لم ينادِ برابطة تربط بين الناس غير أخوة الدين، أي أنَّه نبذ العصبية القبلية وحاربها ونهى عنها، والله تعالى أعلم.[6]

بهذه التفاصيل وهذا الإسهاب نكون قد سلَّطنا الضوء على معنى العصبية القبلية وأشرنا إلى العصبية القبلية التي كانت بين العرب في الجاهلية وبيَّنا موقف الإسلام من العصبية القبلية أيضًا.

السابق
كيف أسهم الاساس الاخلاقي برأيك في قيام الحضارة الاسلامية
التالي
من هو ثاني الخلفاء الراشدين

اترك تعليقاً