ديني

حكم رفع اليدين في الصلاة

حكم رفع اليدين في الصلاة في المذاهب الأربعة

يرى الحنفية أن رفع اليدين سنة عند تكبيرة الإحرام فقط ، فأما ما عدا ذلك من التكبيرات فلا يرون مشروعية رفع اليدين عندها ، جاء في ” المبسوط ” للسرخسي (1 / 23) : ” ولا يرفع يديه في شيء من تكبيرات الصلاة سوى تكبيرة الافتتاح ” انتهى ، وفي “بدائع الصنائع ” (1 / 207) ” وَأَمَّا رَفْعُ الْيَدَيْنِ عِنْدَ التَّكْبِيرِ فَلَيْسَ بِسُنَّةٍ في الْفَرَائِضِ عِنْدَنَا إلَّا في تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ” انتهى .
ويستدلون على ذلك بما رواه أبو حنيفة قال : حدثني حماد عن إبراهيم النخعي عن علقمة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ( كان يرفع يديه عند تكبيرة الإحرام ثم لا يعود . انتهى من ” المبسوط للسرخسي “(1 / 24).
وأما الأحاديث الكثيرة التي وردت في رفع اليدين في غير تكبيرة الإحرام فإن الحنفية يرون أنها منسوخة ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم ترك ذلك آخرا بعدما فعله أولا ، جاء في ” بدائع الصنائع ” (1 / 208) ” رُوِيَ أَنَّهُ كان يَرْفَعُ ثُمَّ تَرَكَ ذلك بِدَلِيلِ ما روي عن ابن مَسْعُودٍ رضي اللَّهُ عنه أَنَّهُ قال : ( رَفَعَ رسول اللَّهِ فَرَفَعْنَا ، وَتَرَكَ فَتَرَكْنَا )” انتهى.
هذا مذهب الحنفية .
والراجح أنه يسن للمصلي أن يرفع يديه في أربعة مواضع في الصلاة وهي : عند تكبيرة الإحرام ، وعند الركوع ، وبعد الرفع من الركوع ، وبعد القيام إلى الركعة الثالثة ، وقد سبق بيان ذلك بدليله من السنة في الفتوى رقم : (3267).
والأحاديث التي استدلوا بها على أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك رفع اليدين في غير تكبيرة الإحرام كلها ضعيفة لا تصح .
قال ابن القيم في ” زاد المعاد في هدي خير العباد ” (1 / 219) بعد أن ذكر أحاديث رفع اليدين : “وأين الأحاديث في خلاف ذلك من الأحاديث التي في الرفع كثرة وصحة وصراحة وعملا ” انتهى ، وقال أيضا في هذه المسألة : “بل كان ذلك هديه دائما إلى أن فارق الدنيا” انتهى من ” زاد المعاد في هدي خير العباد ” (1 / 219).
وأما الخلفاء الراشدون فلم يثبت عن أحد منهم أنه لم يكن يرفع يديه في الصلاة ، وإنما ثبت عنهم الرفع ، بل قال الإمام البخاري رحمه الله : لم يثبت عدم الرفع عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم ، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم (224635) .

حكم رفع اليدين في الصلاة عند المالكية

هل يجوز رفع اليدين في كل ركعة

قد ثبت بالسنة المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يرفع يديه عند تكبيرة الإحرام، وكذلك عند تكبير الركوع، وعند الرفع منه، فقد روى البخاري، وأبو داود عن نافعأن ابن عمر كان إذا دخل في الصلاة، كبر، ورفع يديه، وإذا ركع، رفع يديه، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، رفع يديه، وإذا قام من الركعتين، رفع يديه، ورفع ذلك ابن عمر إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم.

وعن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه كان إذا قام إلى الصلاة كبر، ورفع يديه حذو منكبيه، ويصنع مثل ذلك إذا قضى قراءته، وأراد أن يركع، ويصنعه إذا رفع من الركوع، ولا يرفع يديه في شيء من صلاته وهو قاعد، وإذا قام من السجدتين، رفع يديه كذلك وكبر. رواه أبو داود، وقال الألبانيحسن صحيح.

وعليه؛ فالمواطن التي يستحب فيها رفع اليدين في الصلاة أربعة مواطن فقط، وهي:

الأول: عند تكبيرة الإحرام.

الثاني: عند الركوع.

الثالث: عند الرفع من الركوع.

الرابع: عند القيام إلى الركعة الثالثة.

وهذا الاستحباب في رفع اليدين في كل ركعة؛ لأن الرفع لليدين في الركوع، والرفع منه، عند وجوده، وهو موجود ومتكرر في كل ركعة؛ وهذا ما يفهم من قول الفقهاء: (الرفع عند الركوع، وعند الرفع منه).

حكم رفع اليدين في الصلاة في غير موضعها

المواضع الأربعة التي ترفع فيها اليدان يجب أولاً أن نعرفها وهي: عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع من الركوع، وعند القيام من التشهد الأول، فهذه المواضع صح بها الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: “كان النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه إذا كبر للصلاة، وإذا كبر للركوع، وإذا قال سمع الله لمن حمده”. قال: “وكان لا يفعل ذلك في السجود”.

وإذا كان ابن عمر رضي الله عنهما الحريص على تتبع فعل الرسول صلى الله عليه وسلم وقد تتبعه فعلاً فرآه يرفع يده في التكبير، وفي الركوع وفي الرفع منه، والقيام من التشهد الأول وقال: “وكان لا يفعل ذلك في السجود” ولا يقال: إن هذا من باب المثبت والنافي، وأن من أثبت الرفع فهو مقدم على النافي في حديث ابن عمر؛ لأن حديث ابن عمر صريح بأنه تأكد من عدم الرفع، فالذي يشاهده إذا رفع للركوع والرفع من الركوع ثم يقول لا يفعل ذلك في السجود، فهل نقول إنه يمكن غفل ولم ينتبه؟ لا يمكن ذلك؛ لأنه جزم بأنه لم يفعله في السجود وجزم بأنه كان يفعله في الركوع وفي الرفع منه.

هل رفع اليدين في تكبيرة الإحرام واجبة

رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام سنة مستحبة نقل الإمام النووي الإجماع على استحبابها، ولكنه ليس بواجب، ولا تبطل الصلاة بتركه، ولكن تاركه فوّت خيراً عظيماً بتركه سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن رفعه عليه الصلاة والسلام ليديه من أجل الكافر خلفه كما في السؤال، علماً بأننا لم نقف على هذه القصة المذكورة ولا نعلم صحتها من ضعفها، ولكن الشيء الذي ينبغي أن يُعلم هو أن رفع اليدين في تكبيرة الإحرام وعند الركوع والرفع منه والقيام من الركعة الثانية سنة واظب عليها الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد حكاها في صفة صلاته جماعة من الصحابة يزيدون على العشرين صحابياً منهم: ابن عمر الذي قال فيما رواه الإمام مسلم: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام للصلاة رفع يديه حتى تكونا حذو منكبيه ثم كبر، فإذا أراد أن يركع فعل مثل ذلك، وإذا رفع من الركوع فعل مثل ذلك، ولا يفعله حين يرفع رأسه من السجود.

رفع اليدين قبل التكبير

الأصل أن المأموم يتابع إمامه في شؤون صلاته كلها، فلا يكبر قبل تكبيره، ولا يركع قبل ركوعه، كما أن التكبير للركوع ونحوه ينبغي أن يكون مقارنا للشروع فيه، وبالتالي فيكره للمصلي رفع يديه للركوع قبل الشروع فيه ولكن صلاته صحيحة، ومن الأدلة على ذلك ما ذكره الدسوقي المالكي في حاشيته متحدثا عن رفع اليدين حيث قال: وكره رفعهما قبل التكبير أو بعده.

السابق
ارتفاع درجة حرارة الجسم باستمرار
التالي
فرائض الصلاة وسننها ومبطلاتها

اترك تعليقاً