الحياة والمجتمع

ما هو صلب الرجل

ما هو الصلب في القصاص

ما هو الصلب في القصاص … الصحيح هو الرأي الأول: الصلب هو زيادة في العقوبة وتغليظاً فيها، والميت ليس من أهل العقوبة، والصلب في هذا الأمر أبلغ على هذا الوجه في الدرع، لأن المقصود هو الزجر وهو ما يكون في الحياة لا بعد الموت.

يخرج من بين الصلب والترائب علمياً

أخبر القرآن الكريم أن الماء -المني- الذي يُخلق منه الإنسان يخرج من بين عظام الظهر وعظام الصدر، قال تعالى: {فلينظرا لإنسان مم خلق * خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب} (الطارق:5-7). إنّه ذلك الماء الجاري الذي خرج من بين العظام الصلبة الثابتة، فتكون منه الحياة، فلا تعجب أن يُرجع الله الإنسان يسعى بعد أن دُفن ميتًا في بطن الأرض.

وقد استشكل بعضُ الناس وصف الماء الدافق الذي خُلق منه الإنسان، بأنّه {يخرج من بين الصلب والترائب}، ذلك أنّ المني يأتي من الخصية، والبويضة تأتي من المبيض، بينما {الصلب} هو عظم الظهر ذو فقراتٍ تمتد من أعلاه إلى أسفله، {والترائب} عظام الصدر، فكيف؟!

دعوى الإشكال!

جواب هذا الإشكال يعتمد على مقدمتين؛ إذ إن هذا الإشكال يصح لو أنّ الآية الكريمة كانت تنفي أي مصدرٍ للماء الدافق غير {الصلب والترائب}، أو لو كان العلم الطبيعي توصّل إلى نفي أيّ دورٍ للصلب والترائب في خروج الماء الدافق، فالمقدمة الأولى في بيان أن الآية الكريمة لا تنفي خروج الماء الدافق من الخصية، والمقدمة الثانية في إفادة أن العلم الطبيعي لا ينفي أيّ دورٍ للعظام في خروج الماء الدافق الذي يكون منه الولد.

المقدمة الأولى: الآية الكريمة لا تنفي خروج الماء الدافق من الخصية

المشهود أنّه لا يمتنع تعدد العلل للمعلول الواحد، وأنّ المنتج الواحد قد يكون حصيلة لأكثر من علة، وعليه فإنّ الفعل الذي يجري على عملياتٍ متعددة تشترك أو تتوالى، هذا الفعل يمكن وصفه بإحدى هذه العمليات، دون أن يلزم من ذلك نفي سائر العمليات، فلو كان هناك منتجٌ (ص) يصدر عن العملية (أ)، ثم (ب)، ثم (ج)، ووصفتُه بأنه ينتج من (أ) لا يعني ذلك أنني أنفي صدوره من (ب) و (ج)، أو وصفت (ص) بأنه ينتج من (ج) لم يكن ذلك نفياً لدور (أ) و (ب)!

مثال (1): الكلام يكون منتجًا (ص) من الفكر (أ) الذي يعمل عن طريق الأعصاب (ب) التي تحرّك أعضاء النطق (ج) وهي اللسان والشفاه وغيرها… فأنت مثلًا ترى أحد الناس يتكلم بكلمةٍ (ص) أغضبت من حوله، تلومه قائلاً: “هذه عاقبة فكرك (أ) السقيم!”، مع أنّه يكون باشر هذا الفعل بلسانه (ج)، واختيارك نسبة الخطأ في الكلام (ص) للفكر (أ) لا يعني أنّك تنفي نسبته لللسان (ج) مثلاً. ونظير ذلك حين سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مؤاخذة الناس بكلامهم (ص)، أجاب أن الذي يكب الناس على وجوههم في النار هو “حصائد ألسنتهم (ج)”، دون أن يعني ذلك عند أحدٍ أن الكلام لا ينتج من بقية أعضاء النطق بخلاف اللسان، ودون أن يعني هذا أن الكلام لا يحتاج للفكر (أ) فيه قبل أن يخرج من اللسان!

تكمن البلاغة في اختيار الوصف المناسب للمقام، فأنت حين ترد الكلام وقت الملام إلى الفكر وتقول: “هذه عاقبة فكرك السقيم”، تطلب من المخاطَب أن يراجع فكره، الذي أنتج هذه الكلمات التي أوجبت الاعتذار، وحين قال صلى الله عليه وسلم: (وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم)، كان ذلك للفت النظر إلى خطورة الكلام وعاقبته مع يسره وإمكانه للجميع، فهو قد يكون أسهل شيءٍ حتى يلقيه المتكلم من لسانه دون فكر، وفي الوقت نفسه هناك من يحصد هذا الخارج من الكلمات، ليُحاسَب عليها المرء بعد ذلك، ثم قد تكبه على منخاره في النار!

مثال (2): المطر ينزل من السحاب الذي يجري في السماء بأمرٍ من الله تعالى، فيوصف المطر بأنّه ينزل من السحاب بقوله تعالى: {وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا} (النبأ:14)، وقوله تعالى: {حتى إذا أقلت سحابا ثقالاً سقناه لبلد ميت فأنزلنا به الماء} (الأعراف:57)، وقوله تعالى: {أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون} (الواقعة:59)، ويوصف بأنّه ينزل من السماء بقوله تعالى: {وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها} (البقرة:164)، وينزل بأمر الله تعالى كما في قوله تعالى: {إن اللَّه عنده علم السَّاعة وينزل الغيث} (لقمان:34)، وهكذا فلا ينفي وصفٌ وصفاً آخر، وإنما يكون الماء بأمر الله، فينزل من السماء من السحاب، ولا يعني أيّ من هذه الأوصاف عند أحدٍ ممن يطالعها أنّها تمنع من إثبات الطرق المختلفة لتكون الأمطار عن طريق التبخر أو التكثف أو الرياح أو غير ذلك!

فعلى وِزان هذين المثالين، فإنّ قوله تعالى: {يخرج من بين الصلب والترائب} لا ينفي أنّ للخصية دوراً في خروج المني، كما لا ينفي أنّ لفرج الرجل دوراً في خروج المنيّ أثناء الجماع، وفي الآية ما يشير إلى أن المقصود يسبق ما يظهر للناظر في شأن هذا الماء، وهو لفظ {يخرج}، قال ابن عاشور رحمه الله في تفسيره: “والخروج مستعملٌ في ابتداء التنقل من مكانٍ إلى مكانٍ ولو بدون بروز، فإن بروز هذا الماء لا يكون من بين الصلب والترائب”!

ولا شك أنّ جميع الأمم تعرف أن هذا الماء يخرج من فرج الرجل أثناء الجماع، ولا شك أنّ جميع الأمم علمت أنّ للخصية دوراً في خروج المنيّ، سواءً بكونها ممرًّا، أو مخزناً للمنيّ، حتى ولو لم يتقفوا على أنّها محلٌ لتوليد المني، والدليل على معرفة كافة الأمم بما فيهم العرب بذلك تتحصل من عدة وجوه:

الوجه الأول: قد عُلم أنّ قوماً من الصحابة رضي الله عنهم، سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأذن لهم في الاستخصاء، ونُهوا عن ذلك، وحديث ابن مسعودٍ -رضي الله عنه- في ذلك متفقٌ عليه(1)، قال الحافظ ابن حجر: “الحكمة في منع الخصاء أنه خلاف ما أراده الشارع من تكثير النسل”، وقال النووي: “تحريم الخصي لما فيه من تغيير خلق الله، ولما فيه من قطع النسل وتعذيب الحيوان والله أعلم”!

الوجه الثاني: قد عُلم أن خصاء الحيوان Neutering كان ممارسةً معروفةً عند العرب وغيرهم من الأمم منذ القدم، مع تحريم بعض أهل العلم في الإسلام لخصاء الحيوان لغير مصلحةٍ لما فيه من المثلة وقطع النسل، إن عُلِم ذلك جزمنا أنّ معرفة علاقة الخصية بالماء الذي يكون منه النسل كانت معروفةً للأمم، فضلًا عن العرب الذين يعمل كثيرٌ منهم برعي الغنم، فضلًا عن العلم بها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم!

الوجه الثالث: أن كافة المدارس الطبية التي وُجدت في اليونان والإسكندرية ومصر القديمة، باختلاف أقوالها في محال توليد المني وتكونه أهو الدماغ، أم نخاع العظم، أم الدم، أم جميع الجسم، كلها ذكرت أنّ الخصية ممر أو مخزن للمني، فضلًا عن أنّ منهم من جعلها مشاركةً في توليده، ومنهم من جعلها مؤثرةً في تحديد جنس الجنين، والذي يرى الحجج التي بنى عليها هؤلاء استنتاجاتهم تلك مثل أن المني والدم يتخثران، أو أن الإكثار من الجماع يخرج دماً في الاستدلال على الأصل الدموي للمني، أو في كون الحجامة خلف الأذن تُضعف الإخصاب؛ لكونه يقطع الأوعية الدموية الحاملة للمني من المخ في الاستدلال على الأصل الدماغي للمني، من رأى مثل هذه الاستدلالات وأضعف منها، علم لا محالة أنهم علموا بدور الخصية في الإنجاب، ولو كان هذا الدور مقتصراً على الممر والمخزن!

فتحصل من المقدمة الأولى أنّ الآية الكريمة لا تنفي دور الخصية في خروج المني، بل إن لفظ “الخروج” يشير إلى أنّ المقصود أمراً وراء المنظور المتبادر إلى الأذهان، كما قال ابن عاشور، خصوصاً وكافة الأمم كانت تثبت للخصية والفرج دوراً في خروج المني، والمجبوب الذي عُدِم الذكر والأنثيين -أي الخصيتين- يستحيل عند أهل الفقه أن يكون له ولدٌ، ولو جاءته امرأته بولدٍ فلا يُنسب إليه!

شبهة يخرج من بين الصلب والترائب

ما معنى الصلب في سورة الطارق

هذه الآية من الآيات العلميّة التي ما كان العرب يَعرفون عنها شيئًا، وبالتالي لم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- ليعلَم عنها شيئًا لولا نزول القرآن عليه من الله، “واللهُ يَعْلَمُ وأَنْتُم لاَ تَعْلمونَ”. وذلك من أدلة صِدق النبي -صلى الله عليه وسلم- في دعواه الرسالة.
وقد ظل الناس قرونا طويلة يَجهلون كيف يتخلّق الجَنين في بطن أمّه حتى نزل القرآنَ فبيّن ذلك بدقة في سورة “المؤمنون” ووضّحه النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديثه، وهو لا ينطِق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحَى.
وبيّن أن الإنسان يُجمَع خلقُه في بطن أمِّه أربعين يومًا نطفةً ثم أربعين يومًا عَلقة ثم أربعين يومًا مُضْغة.

والمفسِّرون للقرآن والشارِحون للأحاديث كانوا يوضِّحون ذلك حسب المعلومات التي كانت عندهم مع استعانتِهم بمعاني الألفاظ العربيّة التي نزل بها القرآن والتّرائبِ هي عِظام الصدر، وهل المُراد صدر الرّجل، أو صَدر المرأة الذي يُقابله الصُّلب في الرّجُل؟ رأيان وإليك نموذجًا من التفاسير :

(أ) جاء في تفسير القرطبي أن الإنسانَ يُخلَق من ماء الرّجُل الذي يخرج من صُلبه العظم والعَصَب، ومن ماء المرأة الذي يخرج من ترائبِها اللحم والدم، وقيل من صُلب الرجل وترائِبِه، ومِن صلب المرأة وترائِبِها. ولم يوضِّح كيف تم الخَلق بهذه الصُّورة.
(ب) جاء في تفسير الجواهر للشيخ طنطاوي جوهري معتمدًا فيه على ما في تفسير الفخر الرازي : أن الدِّماغ مركز الإدراك وخَليفتُه في الجسم النّخاع الشوكيّ المخزون في الصُّلب، والنُّخاع له شُعب كثيرة تصل إلى جميع أجزاء الجسم .. ولن يتمَّ اجتماع الرجل بالمرأة إلا بقوّة الحِسِّ عن طَريق الدّماغ والنُّخاع الذي في الصُّلب، وكذلك بوجود زينة المرأة التي يغلب أن تكون على ترائبِها، أي على صدرها؛ ولذا عبّر عن الرّجل بالصُّلب وعن المرأة بالتّرائبِ وهذا فَحوَى كلام الرازي وجوهري، وهو تفسير سطحِي لعملية تكوين الجَنين.

(ج) وجاء في تفسير القاسِمي : أن المني باعتبار أصلِه وهو الدّم يخرج من شيء ممتدّ بين الصلب ـ فقرات الظّهر في الرّجُل ـ والتّرائِب أي عظام صدره، وذلك الشيء الممتد بينهما هو الأبْهر “الأورطى” وهو أكبر شريان في الجسم يخرج من القلب خلف التّرائب ويمتدُّ إلى آخر الصُّلب تقريبًا. ومنه تخرُج عدة شرايين عظيمة، ومنها شريانان طويلان يخرُجان منه بعد شرياني الكُليتَين وينزِلان إلى أسفل البطن حتّى يصِلا إلى الخُصْيتين فيغذِّيانهما، ومن دمِهما يتكوّن المَنِيّ في الخصيتين ويُسَمّيان بشرياني الخُصيتين أو الشريانين المَنويّين، فلذا قال تعالى عن المني (يَخرُج مِنْ بَين الصُّلْبِ والتّرائِبِ)؛ لأنه يخرج من مكان بينهما وهو الأورطى أو الأبْهر.

(د) هذا بعض ما جاء في كتب التفسير، وهي محاولات لتقريب المعنى إلى المعهود الآن ممّا وصل إليه العلم، ولا شك أن الكشوف العلميّة تتقدّم يومًا بعد يوم، ثم رأينا في أبحاث للمتخصِّصين أن الغُدد التناسليّة في الجنين تكون أصلاً في المنطقة الواقعة بين عِظام الظَّهر “الصّلب” وعظام الصدر “التّرائب” وهذا ما يدلّ عليه قوله تعالى : (يخرج من بَيْن الصُّلبِ والتّرائِبِ) سواء منه الذكر والأنثى، فهي تخلَق في نفس المكان، ولعلّ ما يؤكّد ذلك قوله تعالى : (وإذْ أخذَ ربُّكَ من بَني آدَم مِنْ ظُهورِهم ذُرِّيَّتَهُمْ)، فكلمة “بني آدم” تشمَل الذَّكر والأنثى، وتفصيل ذلك يرجع فيه إلى المختصِّين، وبخاصّة فِي عِلم الأجِنّة.

فلينظر الإنسان مما خلق خلق من ماء دافق

{فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ. خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ. يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ. إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ. يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ. فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ}
أي فلينظر الإنسان من أي شيء خلق وإلى أي شيء صار .. إنه خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب ، خلق من هذا الماء الذي يجتمع من صلب الرجل وهو عظام ظهره الفقارية ومن ترائب المرأة وهي عظام صدرها العلوية.. والمسافة الهائلة بين المنشأ والمصير .. بين الماء الدافق الذي يخرج من بين الصلب والترائب وبين الإنسان المدرك العاقل المعقد التركيب العضوي والعصبي والعقلي والنفسي .. توحي بأن هنالك يدا خارج ذات الإنسان هي التي تدفع بهذا الشيء المائع الذي لا قوام له ولا إرادة ولا قدرة .. حتى تنتهي به إلى هذه النهاية الماثلة .. وتؤكد الحقيقة الأولى التي أقسم عليها بالسماء والطارق . كما تمهد للحقيقة التالية .. حقيقة النشأة الآخرة التي لا يصدقها المشركون . ( إنه على رجعه لقادر . يوم تبلى السرائر . فما له من قوة ولا ناصر ) إنه – الله الذي أنشأه ورعاه – إنه لقادر على رجعه إلى الحياة بعد الموت ، وإلى التجدد بعد البلى ، تشهد النشأة الأولى بقدرته ، كما تشهد بتقديره وتدبيره . ( يوم تبلى السرائر ) .. السرائر المكنونة ، المطوية على الأسرار المحجوبة .. يوم تبلى وتختبر ، وتتكشف وتظهر . ( فما له من قوة ولا ناصر ) .. ما له من قوة في ذاته ، وما له من ناصر خارج ذاته .
السابق
دواء جينتامايسين بيوكيمي – Gentamicin Biochemie لعلاج التهابات العظام
التالي
دواء جينتاديتو – Jentadueto لعلاج مرض السكري من النوع الثاني

اترك تعليقاً