الحياة والمجتمع

هل الانسان حر أم مقيد

هل الإنسان حر أم مقيد فلسفة

الإنسان حر حرية مطلقة في القيام بأعماله،أي أنه لا يخضع لأي ضغط داخلي أو خارجي و يمثل هدا الموقف المتعزلة ديكارت وكانط.

تختلف مناقشة موضوع الحرية و موضوعية ان كان الانسان حر أم مقيد من منطلق ديني أو من منطلق فكري . من منطلق ديني اسلامي فان الانسان المسلم له حدود حتمية يخضع لها نظرا لاحترامه و التزامه بأوامر الله سبحانه و تعالى , أما ضمن المحللات فللمسلم حرية واسعة وكبيرة يستطيع أن يتحرر بها قدر ما يريد و أن يفعل ما يريد , فطالما هو ملتزم بحدود الله فله كامل الحرية مثلا فهو يستطيع أن يتزوج من يريد و يصاحب من يريد و يعمل ما يريد , له الحرية المطلقة أن يسكن أينما يشاء و يذهب أينما يشاء . بعض الأشخاص بالرغم من أنهم مسلمين الا انهم تحرروا من الضوابط الاسلامية الشرعية , فلا يصلون ولا يصومون و لا يلتزمون حدود الله , فيشربون الخمر و يزنون و يسرقون و غيره .

أما من منطلق فكري فمن المفترض أن لكل انسان كامل الحرية طالما أنه لا يتعدى على حرية الأخرين و لا يضرهم و طالما أنه يضع لنفسه ضوابطه الخاصة و يلتزم بها , فلكل انسان اختيار نمط العيش الذي يريده و عليه أن يتحرر من الضوابط و القيود التي تحد حريته , عليه أن يتحلى بالشجاعة لينطلق و ليزيل كل ما يعيق طريقه و أن لا يسمح لأي شخص أو لأي ظرف أن يوقف من حريته أو أن يطوق حدوده . أحيانا يخضع الانسان لظروف و يرضخ لضغط يشعره أنه مقيد و لا يستطيع الانجاز أو التقدم ولكن عليه أن يتحلى بالايمان الكافي بنفسه و بقدراته حتى يصل الى حريته .

و من واجب كل انسان حر أن يحترم حدود الأخرين و حرياتهم , و أن لا يقيد حرية أحد حتى لو كان يمتلك القدرة على ذلك بل عليه أن يدافع عن حرية الأخرين , و أن يشجع الأخرين على البحث عن حريتهم و الحصول عليها .

كل انسان حر في حياته

احتلت قضية الحرية ولا تزال مكانة محورية في التاريخ الحديث والمعاصر وشغلت الكثير من أقلام الفكر السياسي والأدب والشعر والفلسفة لدى مختلف شعوب الأرض ولو بنسب متفاوتة، وبمضامين وخلفيات اجتماعية وثقافية وبظروف تاريخية مختلفة. وبسبب هذا الاختلاف في الشروط التاريخية والثقافية والمعيشية، اتسمت مفاهيم الحرية وأهدافها لدى كل شعب أو كل جماعة سياسية، أو حتى كل فئة عمرية أو كل فرد، بخصوصية ما وبجملة أولويات ميّزتها عن سواها، وفق ظروف كل تجربة من تجارب هذه البلدان والشعوب وهؤلاء الأفراد، ووفق ما عرفته هذه التجارب من أنماط حكم ونظم قيم اجتماعية وعقيدية ودينية، أو ما عانته من صنوف مختلفة من الحروب والاحتلالات والاستعمار، أو ما شهدته تلك التجارب من تحولات تاريخية على مستوى أنماط الإنتاج والثورات الصناعية ونماذج التحديث أدت بدورها إلى حدوث تحولات في طبائع الحكم وفي الثقافة السياسية والاجتماعية والدينية السائدة.

وعلى الرغم من أن الحضارة البشرية قد حققت في القرون الثلاثة الأخيرة في بعض مناطق العالم خطوات عظيمة على مستوى الفكر الإنساني التحرري الذي ما لبث أن فرض نفسه في العلاقات الاجتماعية وإعادة إنتاج صورة جديدة للإنسان الفرد عن نفسه، وبالتالي على مستوى البنية السياسية وعلى مستوى نماذج الحكم، فإن هذه الحضارة شهدت في الفترة نفسها أبشع أنواع السحق لحريات الكثير من الشعوب؛ ففي الوقت الذي كانت أفكار جان جاك روسو تضيء مشاعل الحرية في الثورة الفرنسية كانت أفكار “الحرية” نفسها تسحق شعوباً وحضارات متعددة في معظم مناطق العالم وتبني على أنقاضها المستعمرات، وتصطاد البشر في أفريقيا وترسل من تبقى حيّاً منهم بالأقفاص، لكي يُحوّلوا إلى عبيد لدى أسياد الأرض الجديدة في شمال القارة الأمريكية التي أبيد الملايين من أبناء شعبها الأصلي، ودائماً باسم الحرية.

وحتى يومنا هذا لا تزال الحرية القضية الأسمى في تطلعات الشعوب وفي سعيهم الدؤوب لتحقيق مستقبل أفضل، لكن، في الوقت نفسه أيضاً، لا تزال هذه الحرية تمثل ذريعة لاحتلال الدول وقتل الشعوب ونهب ثرواتها الطبيعية وتدمير أنساقها الثقافية.

الحرية إذاً وعاء كبير، كلٌ يملأ فيه ما تقتضي مصالحه، لكن ضمن هذه المروحة من التنوع والاختلاف يبقى هناك مجموعة مرتكزات مشتركة تعطي الحرية بعدها الإنساني.

كل إنسان حر في تصرفاته

الانسان حر في تصرفاتة ولكن تتوقف عند حرية الاخرين

هل الإنسان مسير أو مخير

فأجاب على طريقته، قال لهم: الإنسان في الغرب مُخيّر، وفي الشرق مُسيّر، فالإنسان في الشرق تُسيّره الحكومات، وتفرض عليه سياساتها، وليس له رأي، لا في اختيار الحكام، ولا في محاسبتهم، ولا في مساءلتهم، ولا فيما يجري عليه من أمور، فهو إنسان مُسيّر في هذا الأمر، بينما في الغرب هو مخير، لأنه يعني له رأيه، وله احترامه وله سلطته .

هل الإنسان مسير أم مخير مقالة جدلية

الإنسان حر حرية مطلقة، لأن شعوره يثبت ذلك، فلا يمكن لأي كان أن يشعر بوجود شيء لا وجود له وهذا ما أكده المفكر الفرنسي روني ديكارت، حيث أشار أن الحرية إدراك لا برهان ، ولا أحد يستطيع إثباتها أكثر من الشعور بها. ويذهب بوسوي نفس المذهب فيقول:”كلما أبحث في نفسي عن القوة التي تقيدني كلما أشعر أنه ليس قوة غير إرادتي…ومن هنا أشعر شعورا واضحا بحريتي”. تجربة الشعور وجدت قديما في الفكر الإسلامي، إذ قال المعتزلة: ” يحس الإنسان من نفسه وقوع الفعل حسب الدواعي والصوارف ، فإن أراد الحركة تحرك وإن أراد السكون سكن ، ومن أنكر ذلك فقد جحد الضرورة. ” الإنسان يمتلك القدرة على الاختيار، لأن اختياره هو منطلق لمسؤوليته. هذه الرؤية تبدأ من عظمة خالق الكون وتنتهي في استنتاج المعتزلة. فالخالق هو العدل الذي حرم الظلم على نفسه، خلق الإنسان ، منحه القدرة على التمييز، ثم منحه القدرة على الاختيار ليحاسبه في حدود اختياره. هذا المبدأ جعل المعتزلة يستنتجون انعدام القيد في حياة العباد. فكرة غياب القيد تجلت قديما في فكر أفلاطون حيث عرض أسطورة الجندي “آر” المؤكدة أن الإنسان وجد حرا ليكون مسؤولا، وفي ذلك يقول ” إن البشر يخطئون حين يتهمون القضاء والقدر ويغفلون عن نتائج أفعالهم، في حين إن الله بريء وهم المسؤولون عن اختيارهم الحر”.الإنسان ليس مقيدا، لأن القانون الدولي صرح بحريته الفطرية، حيث احتوى البيان الأول لمنظمة حقوق الإنسان والصادر بتاريخ 10 ديسمبر 1948، احتوى النص الآتي: يولد الناس جميعهم أحرارا وقد وهبوا عقولا وضمائر، لذا ينبغي أن يعامل بعضهم البعض بروح الإخاء”. الحرية مطلب طبيعي يتماشى مع ميلاد الإنسان، هذه الفكرة تجلت في مخاطبة عمر بن الخطاب لولي مصر عمر بن العاص، حيث قال الفاروق:” متى استعبدتم الناس و قد ولدتهم أمهاتهم أحرارا.
الحرية ملازمة لوجود الإنسان، لأنه هو الوحيد الذي يمتلك وجودا سابقا عن الماهية، هو الوحيد الذي يولد أولا ثم يختار من يكون. هذه الفكرة تمثل العصب الرئيسي في الفلسفة الوجودية حيث أكد جون بول سارتر أن الإنسان لا يوجد أولا ليكون بعد ذلك حرا، وإنما ليس ثمة فرق بين وجوده كإنسان ووجوده حرا . والحرية تتجلى من خلال الاختيار إذ يقول: ” ليس على الإنسان إلا أن يختار، حتى وإن اختار عدم الاختيار”. ويقول أيضا : “لسنا أحرارا فقط بل حكم علينا بالحرية”.

اقرا ايضا:مقالة جدلية هل معرفة الذات تتم عن طريق التواصل، أم عن طريق المغايرة و التناقض ؟

النقد: لكن تجربة الشعور لا تكفي لإثبات الحرية، بل الشعور فقط يوهم الذات بحريتها مثلما كان يوهمها أنها على صواب رغم وقوعها في الخطأ، وهذا ما أكده سبينوزا بقوله: “يعتقد الناس أنهم أحرار لجهلهم الأسباب التي تدفعهم إلى الفعل، فيعتقد الطفل الخائف اعتقادا خاطئا بأنه حر في الهروب، نفس الاعتقاد نجده عن الحجر لو كان له شعورا، أي أنه حر في السقوط”. إن خالق الكون حقا جعل الإنسان حرا في الاختيار، لكن اختيار فيه قيد، فإما إتباع الأوامر أو تلقي العقاب، كما أن جون بول سارتر حاول إثبات الحرية فنفاها، و هذا ما يعني أن كل تعريف للحرية يجعل أنصار الحتمية والقيد على حق.

2 – نقيض القضية: الإنسان مقيد.

شرح وتحليل: أكد نفاة الحرية أن الإنسان مقيد وخاضع للنظام الثابت الذي يسير وفقه الكون. أكدوا أن الحرية مجرد وهم ما دام الفرد مقيد بفكرة القضاء والقدر، مقيد بالحتمية البيولوجية، النفسية وحتى القوانين الاجتماعية.

البرهنة: الإنسان ليس حرا ما دام جزءا من الكون، والكون يخضع لنظام ثابت. فإذا كان منطق العقل يفرض بأن ما يصدق على الكل يصدق أيضا على أجزائه، فإن الإنسان مقيد أيضا بقانون سقوط الأجسام وبقية القوانين التي تحكم الطبيعة. ليس حرا، لأنه مقيد أيضا بحتمية بيولوجية، فهو لم يختر قسمات الوجه أو البنية التي يريدها، بل فرضت عليه من منطلق المحددات الوراثية. هو لم يحدد مزاجه، لأن ذلك مرتبط بقوانين الطبع و إفرازات الغدد، وهذا ما أثبته عالم الوراثة مورغان بقوله ” إننا نعيش تحت رحمة غددنا الصماء.”
الإنسان مقيد بسلطة الحتمية النفسية، لأنه تصدر عنه جملة من السلوكات اللاشعورية التي تعد نتيجة لجملة من الرغبات المكبوتة المخزنة في ساحة اللاوعي، فالفرد مقيد بالسهو، النسيان، الحلم ، فلتات اللسان وزلات القلم …و هذا ما استنتجه سيغموند فرويد، إذ أكد أن الإنسان عبد لرغباته. فكرة القيد وجدت أيضا عند رواد المدرسة السلوكية، إذ أكد واطسون أن الفرد يصدر استجابات لا إرادية كنتيجة لمثيرات خارجية. كما نجد أيضا سيطرة الحتمية الاجتماعية على الفرد، لأن الإنسان بمجرد ولادته يجد نفسه مرتبطا بأسرة ، بمجتمع، بثقافة وحضارة محددة، فيصبح سلوكه خاضعا لشروط يحددها المجتمع الذي يعيش فيه، وهو ما دفع إيميل دوركايم إلى القول :”إن سلوك الفرد خاضع لشروط يمليها العقل الجمعي”.الحرية مجرد وهم، لأن الإنسان في نظر الجبرية مجرد ريشة في مهب الريح والأقدار تفعل به ما تشاء، هو مقيد وفق قضاء مكتوب وقدر محتوم، لذا يقول جهم بن صفوان:” إنه لا فاعل في الحقيقة إلا الله وحده وإنه هو الفاعل، وإنما تنسب الأفعال إلى الناس على سبيل المجاز”. فكرة القضاء والقدر وجدت أيضا في الفكر الغربي إذ يقول غيو: “لا أدري إن كنت سأعيش غدا ، أو سأعيش ساعة، أو سينتهي يدي هذا السطر الذي أبدؤه.”

اقرا ايضا:الموضوع: هل تقدم العلم يعد حجة ضد الفلسفة؟

النقد: على الرغم من أهمية هذا الطرح إلا أنه لا يمكن التصديق بما ذهبوا إليه، لأن الإنسان ليس عبدا لرغباته أو شيئا من الأشياء، بل هو كائن عاقل له اختياراته، إن نفي الحرية هو نفي للمسؤولية، لكن مادام الإنسان مسؤولا، فإن الإقرار بالقيد باطل.المجتمع لا يقيد الإنسان، بل يفتح له دوما فرص التحرر.كل هذا يعني أنه للقضية تفسيرا آخر.

3- التركيب: وكتوفيق بين الطرحين يمكن القول أن الإنسان ليس حر حرية مطلقة، كما أنه لا يمكن الجزم على أنه مقيد لدرجة اعتباره مجرد آلة في يد الزمان يفعل فيه ما يشاء ، بل أفعاله وسط بين الجبر والاختيار وأفضل تعبير على هذا ما أكده أبو الحسن الأشعري حين قال أن أفعال الإنسان لله خلقا وإبداعا وأنها للإنسان كسبا ووقوعا . بل إن حرية الانسان نسبية و هو في سعي دائم من أجل التحرر عن طريق العلم و العمل إذ أن كل تقدم للحضارة هو خطوة نحو التحرر .

 

 

السابق
ما هو تليف الرئة
التالي
مجالات الخدمة الاجتماعية

اترك تعليقاً